الاثنين، أكتوبر 10، 2011

سنة اولى جامعة ,,,1972


سنة اولى جامعة ...
اليوم وبعد 39 عاماً من التحاقي بالجامعة وقفت امام المرآة بعد ان اكملت ارتداء ملابسي فإذا بي أتفاجأ انني لا شعوريّاً إرتديّت الزيّ الجامعيّ الموحد الالزاميّ والمكون من قميص ابيّض وبنطلون رماديّ وجاكيت كحليّ والذي ارتديّته قبل 39 عاماً ...

مُصادفةٌ اعادتني الى الوراء 39 عاماً ...

وصلتُ الى بغداد في منتصف شهر آب من العام 1972 وتحديدا في 19 منه وفي اليوم التالي قدمت طلباً للالتحاق بالجامعات العراقيّة في وزارة التعليم والبحث العلمي في باب المعظم واقمت في فندق قريب في ساحة الميدان ....
كان القبول يتم عبر اعلان قوائم المقبولين من الطلبة العرب على لوائح اعلانات الوزارة وكانت القوائم تُعد من خلال مكتب الطلاب القومي التابع للقيادة القومية لحزب البعث اي ان المقبولين كانوا يخضعوا لشروط ... آخرها معدل الثانوية العامة او التوجيهي... وهناك جهات كثيرة تتحكم في القبول منها اتحادات الطلاب والاتحاد الوطني لطلاب العراق والتنظيمات الفلسطينيّة والشخصيّات الحزبيّة القيّاديّة ضمن كوتات متفق عليها معهم لذا كان عليّ متابعة الموضوع مع كل الجهات المعنيّة املاً في الحصول على دعم احداها والحصول على مقعد جامعيّ وهذا كان يتطلب برنامجا يومياً من العمل المضنيّ والتنقل خاصة وان مقابلة المعنيّين ليست امراً سهلاً .
أعلنت القائمة الاولى في اوائل شهر اكتوبر ولم يكن اسمي ضمن المقبولين رغم الوعود الكثيرة ولم يصيبني اليأس خاصة وان هناك قائمة ثانية ومن متابعتي للموضوع بعد اعلان القائمة الاولى اكدت لي من الكثيرين ممن قابلتهم ان اسمي مدرجٌ على القائمة الثانية والتي اعلنت في نهاية شهر اكتوبر اي بعد بدء العام الجامعي بشهر كامل ولم تتضمن اسمي وهنا بدء القلق يأخذ حيّزاً من تفكيري الى ان أبلغتُ ان هناك قائمة ثالثة واخيرة لمن سقطت اسماؤهم من القائمتيّن ... سهواً او عمداً
كثفت من جولاتي المكوكيّة وقابلتُ كل من كان على قائمتي من ذوي النفوذ وما اكثرهم وكلهم وعدوني خيّراً واعتذروا لي عن سقوط اسمي من القائمتيّن ...سهواً
واخيرا أعلنت القائمة الثالثة والاخيرة للمقبولين من الطلبة العرب في منتصف شهر نوفمبر وكم كانت خيّبتي كبيرة حين قرأت الاسماء كلها مراراً ولم اجد اسمي من ضمنها ...
عُدتُ من حيثُ بدأتُ ... أعاود الاتصالات والزيارات فخيار الدراسة الجامعيّة وفي العراق دون رسوم جامعيّة وباقل التكاليف المعيشيّة كان خيّاراً نهائيّاً ولا عودة عنه ...
عاد الكثيرن ممن كانوا معي بعد ان فقدوا الامل واستسلموا وبقيّت انا ومعي قلة من القادمين من الاردن والضفة والقطاع وكثفنا من جهودنا ورفعنا شعار ...اللا عودة دون شهادة جامعيّة ... وجاء الخبر اليقين ان هناك ملحقا للقائمة الاخيرة سيصدر قريباً بعد معرفة امكانيّات الجامعات العراقية وتوفر مقاعد لاستيعابنا وفي 1972/12/10 اعلن المُلحق وركضنا مهرولين الى الوزارة ووجدت اسمي من ضمن المقبولين وكم كانت سعادتي كبيرة إذ تحقق حلمي أخيراً وظهر اسمي ضمن المقبولين في الجامعات العراقيّة وفي بغداد تحديداً .
في اليوم التالي ذهبتُ الى الجامعة وطلبوا مني ان انتظر يوميّن الى ان تصلهم القائمة المُلحق من الوزارة وعلمتُ يومها ان الامتحانات الفصلية ... امتحان نصف العام سيّبدأ في 27 من الشهر الذي تم قبولنا فيه اي بعد اسبوعيّن من بدء دوامي المفترض ... 
كان نظام الدراسة سنويّ على فصليّن ولكل فصل 50% من العلامة النهائيّة ... فور دوامي انا ورفاقيّ من الطلبة العرب من قائمة الملحق راجعنا إدارة الجامعة والتي وافقت على ان لا نتقدم الى امتحانات الفصل الاول مع الطلبة المنتظمين من بداية السنة الجامعية على ان نتقدم لتلك الامتحانات بعد انتهاء عطلة الفصل الاول في 17 ينايّر 1973 اي بعد شهر من بدء دوامنا على ان تُنظم لنا محاضرات مكثفة خلال عطلة الفصل الاول لكي نحاول اللحاق بالطلبة الاخرين وهذا ما كان ...
جُهدٌ كبير بذلته ... والحمد لله تقدمت للامتحانات المقررة ونجحت وركبتُ قطار طلبة الجامعات بعد مُعاناة ولكن كله يهون في سبيل تحصيل العلم والمعرفة وبناء الذات .
في الفصل الثاني كان عليّ ان أكمل مسيرتي الدراسيّة واتعرف على اصدقائي وصديقاتي من الجامعة ومن الطلبة العرب وان ابدأ مسيرتي مع الاتحاد العام لطلبة فلسطين ( بيّتنا في الغُربة ) وان أُكمل مسيرتي في عملي السيّاسي وانتمائي التنظيمي ضمن منظمات الثورة الفلسطيّنيّة ...
كان نهاري يبدأمن الساعة 6 صباحاً وينتهي عند 12 منتصف الليل واحيّاناً بعدها ... من كان يراني يوميا في المدرجات الجامعيّة كان يظن اني أُقضي وقتي في الدراسة فقط ... ومن كان يراني استمتع في وقتي في نادي الجامعة كان يظن انني الهو والعب مضيّعا وقتي ... ومن كان يُجالسني لساعات في اتحاد الطلبة بعدها يظن انني لم آتِ للدراسة انما لاكون جزءاً من برنامج للعلاقات العامة ...ومن كان يعرفني ويشاهدني ليلاً وانا اتابع عملي التنظيمي والسياسي كان يعتقد انني أقدم عملي التنظيمي والسياسي على كل شيء.
مع نهايّة العام الاول كنت أحقق نجاحات تفوق الخيّال وعلى كل الاصعدة ... نجاح دراسي وبكل المواد ودون امتحانات تكميلية او حمل للمواد وعلاقات ناجحة ومع الجميع وعلى كل الاصعدة وبناء للذات فكريّاً وسيّاسيّاً وتنظيميّاً ...

سنة اولى جامعة... كانت بكل معنى الكلمة سنة جامعة ناجحة أسست لكل نجاحاتي بعدها ...

يوسف
09/10/2011


 

هناك 13 تعليقًا:

  1. رحلة طويلة مع الجامعة
    تجولت فيها متابعة كل لحظة
    آملةً أن أقطف ثمار خبرتك
    واحفظ سيرة حياتك...

    سؤال على الهامش:
    هاي الصورة إلي فوق صورتك هلا ولا قبل 39 سنة؟

    ردحذف
  2. في سبيل العلى يهون كل شئ و اليوم اصبحت ذكرة تفتخر بها حين تحدثها؛

    ردحذف
  3. زينة يا زينة
    اللي كانوا معي من غزة كثار وهلأ بيطلعوا على الفضائيّات تحت مُسمى محلل سيّاسي لما تشوفيلك واحد منهم على الجزيرة او العربية اسأليه عني ....شوفي شو بيحكيلك
    ههههههه

    انا مرة حطيت صورة عمر ومرة اخرى حطيت صورة والدي الله يرحمه....

    اكيد الصورة المنشورة صورة الزي الموحد

    الله يرضى عليكِ ويسعدك

    ردحذف
  4. حنين
    مساء الخير
    مزبوط والله معك حق
    كان كل شيء ما بيجي بالساهل علشان هيك الو قيمة وذكريات لا تنتسى

    دمتِ بخير

    ردحذف
  5. رجعتنا لذكريات الجامعة .. على فكرة معاناة الطلبة الفلسطينيين مازالت كما هي .. مااختلفتش كثير ..

    بس نسيت تقولنا شو كان تخصصك استاذ يوسف ؟

    ردحذف
  6. يعني جد أبوعماد يا نيالك على هيك ذكريات حلوة, مرات كثير بحسدكم ياللي كنتوا شباب بهديك الفترة بالستينات والسبعينات كان فيه انتماءات واتجاهات فكرية و قوميات ونضال, وكان إلها دورها وانتوا مشاركين فيها وعن جد وقناعة, وإحنا الآن لا عارفين لشو راح ننتمي ولا عن شو راح ندافع ولا عارفين راسنا من رجلينا وما بنستجري ننضم لشي ولا نتبنى فكر بذاته, زي كإنا بجد موجودين لناكل ونشتغل ونام وهاي يومنا ومستقبلنا وذكرياتنا!

    ردحذف
  7. وجع البنفسج
    اختي امتياز
    صباح الخير

    اكيد رغم كثرة الجامعات حاليا وتعدد الخيارات المحلية الا ان ظروف الكثير من الطلبة الفلسطينيين في الدراسة الجامعية لا تزال صعبة خاصة من هم في الداخل

    في تلك السنين ...كانت المشكلة ندرة الجامعات ففي الاردن جامعة واحدة وكليات محدودة جدا والضفة والقطاع بلا جامعات والعراق 5 جامعات وهكذا... فكان الالتحاق بالجامعة ...فكرة مستحيلة

    انا كانت بدايتي الجامعية مع كلية العلوم واكملت بعدها وتخرجت مهندسا مدنياً...طرق وجسور...وعملت في تخصصي لفترة لا تزيد عن ال 9 سنوات في دول الخليج قبل ان اعود الى هنا وللظروف التي كانت سائدة عنا وقتها والتي كانت تمنع كل من لا يحصل على موافقة امنية من العمل في القطاع العام وفي الشركات الكبرى كان لا بد لي من فتح مجال لي في عمل خاص وهذا ما كان قبل 25 عاما ...حيث انني ادير وامتلك شركة تعمل في مجال الديكور والتصميم الداخلي...

    دمتِ بخير

    ردحذف
  8. الكيل بمكيالين

    صباح الخير
    من حسن طالعي ان ابنائي الثلاثة كان كل منهم في مدرسة مختلفة ... وبالتالي وانا كنت اتابعهم واوصلهم الى المدرسة واحضر احتماعات اولياء الامور فكنت الوحيد الذي يسمع يوميا من المدرسين....ابو عمر وابو عماد وابو علي في نفس الوقت وكم كان هذا يسعدني ويشعر ابنائي بالسعادة في مجتمع لا ينادي الاب الا باسم ابنه الاكبر والام كذلك ...حتى ان الكثيرين لا يعرفون اسم الاب او اسم الام
    اسعدني ان بدأتِ بابو عماد واكيد هذا سيسعد عماد ان قرأ تعليقك.....

    رغم احساسي الشخصي مرات اننا لم نفعل شيء على الصعيد العام واننا نتحمل كثيرا مما آلت اليه الامور وفشلنا الجماعي في تحقيق حلم شعوبنا الا انه لا بد من الاعتراف اننا تعبنا على حالنا كثيرا وخضنا تجارب كثيرة وقرأنا كثيرا واجتهدنا وعلى كل الاصعدة وكان يوما يحسب حسابا لهذه الامة وكان العالم يتعامل معنا بطريقة مختلفة وبنظرة غير النظرة الحالية...قد تكون خوف من ردة فعلنا...وهذا مطلوب في كل الاوقات

    كانت مساحة الحرية في اعتناق الفكر وممارسته اوسع على الصعيد الشخصي وان كانت اضيق من قبل الاجهزة الامنية ....

    الآن الظروف اختلفت ....والخيارات محصورة جدا وكلها لا تعتمد عل

    ردحذف
  9. صباح الخير
    اشكرك لمشاركتنا بتفاصيل هذه المرحله الغنيه بالتجارب
    اللي ساعدك على استغلال وقتك بهذه الكفاءه شيئين
    الاول هو استعدادك الشخصي لها ونشاطك وقدرتك على توزيع وقتك بينها.
    والثاني هو وجود النشاطات التي احتوتك واستوعبت طاقتك وامكانياتك.
    اعتقد ان الكسل والخمول صار سمه لمجتمعنا واكثر ما يحزنني الشباب واوقاتهم المهدوره عبثا....لكن بنفس الوقت ما بلومهم....
    ربيناهم على الكسل بتقييدهم بالتلفزيون والبلاي ستيشن والكمبيوتر وخوفنا المبالغ فيه عليهم من المخاطر خارج البيت.
    والثاني هو قلة النشاطات والفعاليات اللي ممكن يشتركوا فيها...ولو وجدت فبتكون باشتراكات ورسوم مرتفعه وبتصير رفاهيه لا لزوم لها في ظل الامكانات الماديه المحدوده للمواطن العادي.

    ردحذف
  10. ماشاءالله تمتلك ذاكرة قوية لتذكرك تلك التفاصيل و التواريخ ...
    العمر يركض ... ربما لا تستطيع أن تصدق بمرور كل هذه السنين منذ دخولك الجامعة ... الله يعطيك طول العمر و البركة فيه

    ردحذف
  11. نيسانة
    مساء الخير

    اول شيء تعلمته تلك السنة ان لضمان نجاح اي فكرة او مشروع يجول في خاطري لا بد من توفر شرطين اساسيين
    الاول هو العامل الذاتي
    اي الرغبة الشديدة الذاتية في تحقيق المشروع او الحلم وهذا يكون بان تتحدى نفسك وتحضرها وتعدها الاعداد الجيد للقيام بتلك المهمة....
    والثاني ان تتوفر الظروف الموضوعية المحيطة من حولي والتي ستساعدني على انجاز المشروع
    والحمد لله وجدت في بغداد كل الظروف الموضوعية المحيطة بي والقادرة على تهيئة مناخ مناسب لتنفيذ مشاريعي وبدأت باعداد نفسي وذاتي متسلحاً بايماني ومعتمداً على قرائتي لكل ما تقع عليه عيناي من الكتب القيمة ومجالساً من هم اكبر مني واكثر خبرة للتعلم منهم

    اشكرك على مشاركتك
    والله يرضى عليكِ ويسعدك

    ردحذف
  12. rare

    مساء الخير
    صدقيني لما اكتب انه مر 39 عاما ... بفكر حالي مخربط وبرجع بحسبهم من جديد
    بالنسبة لي كأنهم امبارح
    الحمد لله على نعمه الكثيرة واهمها الصحة والذاكرة

    شكرا على مشاركتك
    ودمتِ بخير

    ردحذف
  13. جميلة هي دراسة الهندسة .. ذات يوم كنت اريد ان اصبح طبيبة ومن ثم فكرت بالهندسة ثم تراجعت لادرس آداب لغة انجليزية / فرنسية .. والحمدلله على كل شيء ..

    كن بخير دوما استاذي الفاضل.

    ردحذف