الخميس، يناير 12، 2012

كليلة ودمنة....الطبعة الاردنيّة

بعض ما يُنشر هنا .........

اعتقد انها اسباب كافيّة لأن نقرأ على الاقل

او ان نكتب عن هواجسنا ومخاوفنا مما قد يحصل

.............................................

1


عمون.....
فايز الفايز

أكتب اليوم وأنا في الرمق الأخير من الكلام المباح
وغير المباح..

لا لشيء أكتب، ولا عن شيء، ولكنها هلوسة في وطن كاد أن ينفصم، فلم يعد هناك ما يستحق عناء الكتابة، بعدما قتلنا صوتُ النباح، والصياح، وباعتنا أمهات الفساد والعربدة السياسيّة إلى المصير المحتوم، وتكررت محاولاتهم لقتلنا بمسدس الصوت المكتوم، كي ينقلوا الوطن من عين الشمس إلى مستقبل لن تشرق فيه الشمس الأردنيّة إلا في أقصى مدار الجنوب، في الفيافي المقفرة والصحراء التي لم تعرف الذنوب، التي لم تمرّ عبرها أقدامُ العابرين الخائنين، ولا المرتزقة الخائبين، ولا أدعياء الوطنيّة الذين قتلونا وطنيّةً وهم أخون لنا من الرهط الصابئين..

فكل عباءاتهم مرقّعة، وكل رقعة من سلطة ما، أو جهة ما، أو دولة ما موَقّعة، فستدور رحى الأيام فوق رؤوسهم، وستطحن في الليالي وجوههم وتمرّغ الخضوف أنوفهم، وها هو كهف العرّافين والسحرة يتحفنا كل يوم جديد، بميلاد حزب واسم جديد، لينضم إلى قائمة طويلة من مؤسسات التبوّل اللاإرادي!

أولئك الكاذبون المنبطحون زمناً طويلاً تحت نعال السلطة وأزلامها، حتى إذا ما مرّت أفواج الحراك الوطني تطالب بفجر الإصلاح وحريّة الوطن، قفزوا فوق أكتافهم، يكتبون بحبر زندقتهم قصص الإفك اللعين، وتعالت أصواتهم فوق صوت الجائعين، الفقراء المساكين، فما إن كلّت متون الشباب الغاضبين، وهارت قوى التغيير القويم، لكزوهم بمهاميز كعوبهم، واستعاذوا منهم كما يستعاذ من الشيطان الرجيم، وأطاحوا بهم ليعودوا إلى فقر الجنوب، وتراب القرى الحلوب، التي ظنت بحليب ماعزها، وبخلت برائحة قيصومها وشيحها، ثم شاحت بوجهها العابس عن وجوه أهلها الوجمة..

لتلعننا بليل ليس بعده صباح، ليس لأن الأردني لم يعد يقبل أن يكون بطل قصة رسوم متحركة تحكى لأطفال المسؤولين باللغة الدينارية، بل لأن الفجر قتلته الديكة التي ركبت فوق ظهر الشمس لتبيعنا كل يوم كذبة، لن تنتهي قبل أن تعيدنا سيرتنا الأولى "عربان جاهلية" نغزو بعضنا، لحقٍ لنا في صوف نعجة سرقها "ابن الآوى".

للأسف وللمرة الألف من الأسف، يعيش الإنسان الحرّ منّا ليكتشف كم كان حُسن ظنه بالأسماء والأشياء خائباً وكم هو الواقع مُرّ، وعليه فيجب دوماً افتراض سوء النية حتى يثبت عكس ذلك، ففي مجتمع سياسي غير صادق إطلاقاً، غير مخلص لقضايا وطنه بتاتاً، بل مرتبط بأهواء وغايات، وأهداف شخصيّة ومصلحة فرديّة بحتة أو مناكفات ونكايات، إلا القلّة القليلة ممن لا يقبلون أن يكونوا كالبيضة لا يعرف لها وجه من "قفا"، ستفشل بالطبع أهم مراحل الإصلاح، فتكشفت غايات الأسماء الورقيّة والأزلام التي صنعها الإعلام وهي لا تستحق أن تذكر في صفحة أخبار الناس والتسلية وسباق الأفلام.

ومنهم مسؤولون في مناصب رفيعة، لهم حصة في كل "شروة أو بيعة"، كانوا يديرون غرف العمليات لتحطيم المروءة لبعض الشخصيات، وضرب الفكر السياسي والوطني من على طاولة مليئة بـ"القواشين المسروقة" وشيكات العمولات المنهوبة، فالشريف مطارد في الشارع، واللص ما زال في ربيع الفساد راتعاً، ومقر حزبّ مرخص يحرق، ووطن كان وما زال يسرق، وكلا الفعلين يقعان في نقيعة الضحى، والضحية دائماً مواطن مغفل، يركض وراء كل رواية لمسؤول أسطل!

أيها الأردنيون، قلت لكم قبل سنوات "انهضوا من تحت الرماد"، ولكن للأسف حثونا فوق رؤوسنا الرماد، فحتى نفهمَ ما الذي جرى ويجري لنا، علينا أن نعيش مائة عام أخرى لنفهم، وقد لا نفهم، لأن المسطرة السياسيّة الأردنيّة ليس لها مسافات منضبطة، فكل قرارات دولتنا دوماً مرتبطة بمصلحة غير معلنة، ولمصلحة من؟ لا ندري، واسألوا الشيطان لعل عنده جواباً، فليس هناك مسؤول واحد يستطيع أن يقنعنا بأنه سياسي محنك لا يضيّع وقته فيما لا ينفع الوطن والمواطن الذي يعيش الضنك، وليس هناك قيادي قادر على إدارة المشهد السياسي المرتبط بالمصلحة العليا والجامِعة للأردن ونظامه وشعبه، فهم كمن يؤم الناس في صلاة جامعة ويخطب على المنبر الشريف، وهو غير طاهر من النجاسة ولا الخساسة ثم ينادي يا لهذا الوطن من يحبه، فلا ندري بعدها أهو أحبّه أم سبّه؟

فحق لنا اليوم أن نتعجب من قدرة تلك العقليّة التي استطاعت خلال سنوات قليلة قتل كل إحساس بالوطنية، وكل أمل بميلاد رجل يحمل شميلة وهويّة، مجرد رجل يقود هذه المنظومة السياسيّة التعسة، الإدارية القاصرة البئسة، إلى مرحلة تعيدنا عشرات السنين الى الخلف، إلى عشرين أو أربعين، إلى الزمن الذي كان الأردن فيه وطن، وطن يجمع الجميع على الكرامة، والإخلاص والانتماء الخالص.

بعد عام، حام الطير فوق الرؤوس ثم أشام، فجعجعنا، حتى ذرينا الطحين، وأوسعنا الصحون حتى تدافع العجين، وحينما تلظى آوار التنور، قامت الشفاة تتشدق، وأشباه الرجال تزاود على الأشراف وتتملق، وأهل المصالح تدعو على الشباب بالموت والثبور، ولم يجد الباحثون عن الخلاص، منّظراً حصيفاً واحداً، يقودهم الى الهدى، فالكل أصبح مشغولاً بالقيادة، وأصبح الخلاف على من قاد "القطيع"، فنحن في نظر الجميع قطيع، السلطة ونظامها ترانا قطيعاً، وقيادات الشارع الخلفي أيضا ترانا قطيعاً، والجميع، يتنافس على من يقود هذا القطيع، فيأمرونه وهو يُطيع.

كل ذلك لإثبات "قوة التحريك"، لا "قوة التغيير" فلا أحد يريد أن يتغير، حتى نحن لا نريد أن نتغير، نحن نريد أن نبقى رقماً سرياً في يد قوي خفي، يضعه في خانة "الخزنة الكبيرة"، فبنا تفتح الأبواب، وتتسبب الأسباب، لترضخ الرقاب فوق الرقاب، فنلعن نحن، ويمدح "أعضاء الشلة" والأصحاب، وتبقى دوامة الدولة، تبلع الجموع إثر الجموع، وكل رئيس حكومة يأتي يلعن ما قبله ومن معه، ويعلن أنه المخلص، ثم قبل أن ينتهي حلمه البسيط، يؤمر أن يخلع "القبقاب ع الباب" قبل أن يدخل المحراب، ويلتحق بوادي الراحلين في انتظار من سيأتي ليلعنه.

بعد خمس سنوات من أرشيف كتابتي هنا في "عمون" التي عشقتها، حين كنا نكتب، كان كل أولئك عن الحق صامتين ومشغولين بما يشغلهم، عن النهب ولصوصية بعض المسؤولين، قلت في عنوان لي قبل عام "القصة أكبر من تغيير" وبعد عام من حراك الشباب الذي يبدو أن ظنه قد خاب، فلنستذكر ما قيل عن "الاسكندر الأكبر" حين قال: لا أخاف جيشاً من الأسود يقوده خروف، بل أخاف جيشاً من الخراف يقوده أسد..



والله صحيح هلوسة في وطن كاد ان ينفصم ....
 


حين تهتف ابنتي راما مطالبه باسقاطي


 قبل ايام عدت ظهرا الى منزلي الوادع الامين معتقدا ان الامور " عال العال : فطلبت من ام العيال تحضير وجبة الغداء كالعاده لحين الاستماع الى رواية ابنتي الصغيره "راما "حول سير دراستها اليومي في مدارس الرواد حيث تخوض هناك مرحلة الاول ابتدائي – او كي جي ون – على راي المتعصرنين .
كنت استمع لها مبتسما : قالت لي حرفيا : اليوم حدث شيئ خطير يا بابا في المدرسه ؟ لا اخفيكم فقد شدت هذه العباره انتباهي فسألتها مستفسرا عما حدث ؟؟؟ خير ان شاء الله ؟
لحظات واذا بها تروي لي حكاية ان ادارة المدرسه اضطرت لاغلاق البوابه التي تؤدي الى حافلات المدرسه التي كان من المفترض ان تقلهم الى المنازل لحين تجهيزها وان ذلك استغرق اقل من عشر دقائق كان الطلبه ينتظرون خلف البوابه لحين تجهيز الباص .
الى هنا اعتقدت ان الروايه سخيفه فطلبت من ام العيال الاسراع في ترتيب سفرة الغداء من اجل اخذ غفوه صغيره قبل استكمال يوم العمل المسائي .
اصرت " راما " على اكمال الروايه .. قالت لي : عندما مرت الدقائق العشر ولم تقم ادارة المدرسه بفتح البوابه بدأت اهتف بصوت عالي : الشعب يريد اسقاط الباب " وبدأ الطلاب يرددون معي هذا الهتاف الذي ارعب على ما يبدو حرس المدرسه فاضطروا لفتح البوابات المغلقه لاستيعاب غضبنا وقاموا بادخالنا الى الباصات التي حضرت سريعا وانتهت الازمه.... ضحكنا جميعا على تصرف "راما " لكنني منذ ذلك الحين ارتعبت خوفا مما جرى . ابنتي "راما" تحولت لصفوف المعارضه في المنزل وبدأت تعرف اصول اللعبه ويمكن بسهوله ان تؤلب البيت ضدي لانني كنت اعتقد بان منزلي محصن من المعارضه ولا يوجد به سوى الموالاه .... لكنني وعلى ما يبدو كنت مخطئا تماما ؟ استمريت بمراقبه "راما "على مدى ايام وخفت ان تنقل معارضتها لوالدتها واشقاءها فافاجأ ذات يوم بمجموعه منهم ترفع يافطات امام المنزل تطالب باصلاحي وفي نيتها اسقاطي !!!.
بعد ايام فقد مبلغ كبير من المال في منزلي كان مخصصا لمصروف الشهر لشراء حاجياته من الخبز والكاز ودفع فواتير الماء والكهرباء ، فاعتقدت عائلتي انني قمت شخصيا باخذ المبلغ من اجل انفاقه على اصدقائي وتحديدا على مدير مكتبي وسائقي الشخصي وبعض اصدقائي اللذين يرافقونني بالعاده في سفراتي الخارجيه .وبدؤوا يطالبونني بان اقتص منهم وان اعترف بانهم لصوص سرقوا مقدرات العائله ، لكنني خجلت من مواجهتم حرجا من بعضهم لما قدم اباؤهم لوالدي اثناء خدمتهم معه في الوظيفه العامه واخرون كنت اعتقد انهم موالون لي في خدمتهم معي ولم ادرك انهم كانوا يتدربون على اللصوصيه وقررت حمايتهم الى ما استطيع من حدود لعلهم يخجلون على انفسهم فيعيدون المال المسروق الذي هو حق لي ولاولادي ؟؟؟
ازداد غضب افراد العائله.... فقررت بعد تفكير طويل اجراء اصلاحات شبه حقيقيه من اجل امتصاص غضبهم المتصاعد وواتتني فكره بعد تفكير طويل ان اقوم بتقديم كبش فداء يطفئ لهيب الغضب المتصاعد ، فقدمت حارس العماره " جابر " كشخص مفترض واكدت امام العائله انه هو السارق وتوعدته بالويل والثبور لكن ذلك لم يجدي نفعا حين اكتشفت العائله ان " جابر" مجرد كبش فداء صغير فارتفع سقف المطالب وبدات "راما " وشقيقتها " فرح" تطالبان علنا بمعاقبة سائقي الشخصي ومدير مكتبي واخرين ممن كنت احرص على ان لا يمسهم سوء بحكم العشره والصداقه متهمينهم بانهم من سرق "مونة البيت".
ادركت ان الامور لا تسير بخير فخفت ان اعود ذات يوم الى المنزل فاجد قفل الباب قد تغير وان "راما" نجحت في تأليب اشقائها على حمل يافطه مكتوب عليها عبارة " الشعب يريد اسقاط بابا " فاخسر كل شيئ . اليوم .....لم اجد طريقا اسلم من المكاشفه فاعترفت بفساد الحاشيه- عفوا الاصدقاء وكبار موظفي مكتبي الذين لطالما اوهموني بان منزلي محصن من المعارضه وبان "راما" وشقيقتها " فرح " لا يمكن ان تخرجان عن طوعي ولا يمكن ان تدخلان الربيع العائلي ، لكنني كنت مخطئا تماما فادركت ان سياسة " كبش الفداء " لم تعد تنطلي على احد ولا بد من تقديم اللصوص الحقيقيين الذين سرقوا قوت عائلتي جهارا نهارا دون اي وازع من ضمير او مراجعه لمبدء الاخلاص الذي كنت افترضه فيهم ....وللحديث بقيه.
الكاتب : هاشم الخالدي  مؤسس موقع سرايا...


كليلة ودمنة....طبعة اردنيّة

هناك 3 تعليقات:

  1. هو بالفعل الله يستر من الجاي الناس تعبانة والحكومة بتماطل في كل شي وبين الفترة والثانية يتم تقديم كبش فداء لاقناع العامة انهم يعملون
    الله يعين البلد واللي فيها
    تحياتي والدي الكريم:)

    ردحذف
    الردود
    1. يوسف !

      أهلا : وجدت صعوبة بالغة في الخول الى التعاليق و ذلك لبطء التحميل
      و خلل مّا في خانة الردود ، أجريت الكثير من المحاولات و في أوقات مختلفة رجاء معالجة الأمر حتى يتسنّى لنا مشاركتك هذه الدّوحة !!

      تقديري

      حذف
    2. اخي منجي

      مساء الخير

      بحدود علمي في التكنولوجيا اعتقد والله اعلم ان ما يحصل هو

      هناك مواقع لاشخاص او جهات لا يهمها ان يقرأ احد ما يكتب هنا فتلجأ الى زيارة الموقع بشكل غير اعتيادي ....ما يسمى بالهجوم الالكتروني وهذا يؤدي الى بطئ التحميل او عدم القدرة على دخول المدونة...

      طبعا هذا يظهر عندي بوضوح من عدد الزوار ومناطق الزيارات المشبوهة....وهيّ كانت في اليومين الماضيين ...روسيا والجزائر ودولة العدو الاسرائيلي ....هذا اذا استثنينا ان يكون هناك من في الاردن من الزوار من يقف خلف ذلك

      لا ادري ان كان بامكاني حجب مواقع معينة معروفة لي او دول معينة عن الدخول الى مدونتي

      ساحاول اليوم معرفة ذلك؟؟

      اضيف ان جوجل عادة ما تلغي او توقف المدونات التي تأتيها زيارات كثيرة من مواقع مشبوهة ...اوتوميتد automated visitors
      وهذا حصل معي سابقا وقد يكون هدفهم من وراء ذلك
      ابعاد اصدقاء المدونة وزواري عن الدخول بسهولة وثانيّا محاولة استدراج جوجل لالغاء مدونتي

      شكراً على الاهتمام
      ودعواتك ...

      حذف