الخميس، مايو 26، 2011

إلى لبنان .....خذوني معكم





مقدمة
أفرزت حرب اكتوبر 1973 معسكريّن معسكر ينادي بضرورة إستغلال نتائج الحرب والبدء في مفاوضات مع العدو الصهيوني بدعم من امريكا والمعسكر الغربي من اجل توقيع اتفاقية سلام تؤدي الى الاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل استعادة (اراض محتلة) عام 1967 وليس كل الاراضي المحتلة وقاد هذا المعسكر الرئيس المصري انور السادات ومن خلفه كل ما كان يُّسمى بالقوى الامبريّاليّة والرجعيّة العربية والمعسكر الاخر الملتزم بتحريركامل التراب الوطني الفلسطيني والعربي المغتصب وتقوده الثورة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية والمنضوي تحت لواءها كافة الفصائل الفلسطينية المسلحة ومن خلفها كل ما كان يُّسمى بالقوى الوطنية والتقدمية العربية والعالمية وبعض الانظمة العربية وعلى رأسها سوريا والعراق رغم التناحر والتناقض بينهما....
اصبح لبنان بين ساعة وضحاها ساحة للحرب بين المعسكرين وتبيّن للجميع ان المعركة الفاصلة ومواجهة كسر العظم ستكون ساحتها لبنان وبدأ التحشيد من المعسكرين مستغلين ظروف لبنان الداخلية واصطفاف القوى اللبنانية مع المعسكرين وضعف المؤسسة الرسمية اللبنانية عسكريّا وسياسيّا وانقسامها بين المعسكرييّن  ووجود المقاومة الفلسطينية على اراضيها....

إنها ليست من نسيج خيّالي انما مما اختزنته ذاكرتي من حلو الايّام

الحكايّة 
كنا في الجامعة في بغداد مع بدء دق طبول الحرب في لبنان من خلال المواجهات اليومية والبدء بتطهير المناطق اللبنانية وتقسيمها لصالح كل من المعسكريّن وهنا بدأت فكرة تجهيزنا وتدريبنا لنكون على استعداد كامل للتحرك حين الحاجة وما حصل معنا كان يجري على قدم وساق في معظم الساحات العربية والعالمية.

في العراق كان يوجد معسكر واحد مؤهل للتدريب تابع لحركة فتح قدمته وجهزته الحكومة العراقية وتكفلت الحركة بتدريب جميع الطلبة والمقاتلين بغض النظر عن انتمائاتهم التنظيمية وعلى وجه السرعة بدأ اعتبارا من شتاء 1975 بتنظيم دورات قتالية متقدمة ومكثفة للراغبين في معسكر اعتبرته في وقتها من اكثر المعسكرات كفاءة وقدرة على تأهيل وتخريج المقاتلين
هناك احتفلت بتخرجي للمرة الاولى وحصولي على الشهادة الاولى في حياتي


مرت الايام بسرعة وكانت الامور تتفاقم بسرعة اكبر وكنا نُنهي السنة الدراسية الجامعيّة وكان الجميع يتدارس طرق الامداد الى لبنان وكيف سيتم إمداد الساحة اللبنانية بالسلاح الثقيل والأدوية الموجودة لدى كل التنظيمات في ساحاتها الخارجية والمُقدم من دول وانظمة أخذت على عاتقها دعم المقاومة بغض النظر عن الاسباب والمسببات بألإضافة الى الآلاف من المقاتلين والمتطوعين الجاهزين وعلى مدى الساحات العربية والعالمية ...كان من الصعب ايجاد مسرب آمن خاصة وان الحصار اشتد مع التناقض الحاصل بين المقاومة الفلسطينية واللبنانية من جهة والنظام السوري من جهة اخرى مما أدى الى ان تكون الطرق البرية للإمداد مستحيلة كما الجوية مع إغلاق مطار بيروت كونه كان تحت مرمى نيران كل القوى الصديقة والمعاديّة ولم يبقى امام الجميع الا التفكير بالامداد عن طريق البحر رغم صعوبة ذلك ان لم يكن استحالته خاصة وان المرافئ اللبنانية والمياه الإقليمية اللبنانية تحت سيطرة البوارج الاسرائيلية وميناء بيروت مغلق وتحت سيطرة النيران السورية وقبل كل ذلك اين من الممكن ان يوجد ميناء للتجميع على ساحل المتوسط خاصة وان الاسطول السادس الامريكي يسيطر على المياه الدولية للبحر المتوسط
بدأ القلق والاحباط يدب في معظمنا خاصة وان الايام تمضي ونحن على اهبة الاستعداد للسفر ولكن دون بصيص أمل ولكن اخيرا جاء الخبر اليقين لقد تم ترتيب كل شيء وعلينا التواجد في مطار بغداد عند التاسعة صباحا من يوم الغد 19/7/1976  حيث ستقلنا طائرة  تابعة للخطوط الجوية العراقية من نوع بوينغ 727 الى مطار القاهرة الدولي في رحلة خاصة ومن هناك سيتم نقلنا براً الى ميناء الاسكندرية حيث ينتظرنا مركب قد تم تحميله بالسلاح والعتاد والادوية وهناك سنلتقي المقاتلين والمتطوعين القادمين من دول شمال افريقيا ونُبحر معاً إلى لبنان عبر المتوسط.

القاهرة  ... ؟؟؟ كيف...؟؟؟ ولماذا تقوم بهذا الدور وهي من غردت بعيدة ووحيدة خارج السرب العربي بعد حرب اكتوبر وبدأت في فتح قنوات الاتصال مع العدو الصهيوني بعد ان نسجت علاقات تقارب مع المعسكر الغربي(الامبريالي)في ذلك الوقت متخلية عن علاقاتها الاستراتيجية مع المعسكر الشرقي (الثوري)في ذلك الوقت والداعم لنضال الشعوب لتحررها من نيّر الاستعمار والاستعباد
 
لماذا وافقت القاهرة على تجميعنا هناك وتحميلنا بالغالي والنفيس من على أرضها وهيّ المُبادرة بما عرف لاحقا بمشروع السلام او الاستسلام للعدو الصهيّوني والإدارة الأمريكية المعروفة بمواقفها الداعمة للعدو ولكل أعداء الأمة والشرفاء في العالم هناك روايتان الاولى تحليلية وتقول ان مصر وبعد ان انحسر دورها عربيا ورأت في سوريا خصما لدودا لها فارادت من تجميعنا وتحشيدنا وتسهيل مهمتنا محاولة لإفشال مهمة السوريّين في لبنان وإضعافهم وإفشال مخططاتهم في حصر أوراق القوة بيّدهم لتقويّة موقعهم التفاوضيّ والذي إن حصل سيثبت خطأ وضعف الرؤيّة المصريّة في التفاوض المنفرد أما الرواية الثانيّة وهيّ منقولة أن مبلغاً بالملايّين من الدولارات قد تم تحويله للرئيس السادات مقابل تمريرنا أيّ أنها كانت مجرد صفقة وأنا شخصياً مقتنع أن الروايتان صحيحتان معاً.

في التاسعة صباحاُ كنا نصطف أمام بوابة الطائرة حوالي مائة واربعون من المقاتلين والمتطوعين أغلبنا من طلبة الجامعات ومن كل التنظيمات والفصائل الفلسطينية دون إستثناء ...حضر الى أرض المطار عضويّ القيادة القومية علي غنام وقاسم سلام بالاضافة لقيادات اخرى عراقية وفلسطينية لتوديعنا وقام علي غنام بتسليم كل منا هديّة بإسم الراحل صدام حسين (فالرجل وان كان ما عليّه الكثير فايضا له الكثير )وكان وقتها نائباً للرئيس عبارة عن شنطة يدويّة تحتوي على كلاشنكوف جديد مع العتاد الخاص به  يحمل ختماً على سبطانته عبارة عن كلمة واحدة وحرفيّن (هدية ج ع )  وتعني هديّة من الجيش العراقيّ وكانت  هذه أجمل وأغلى هديّة تلقيتها في حيّاتي لرمزيّتها  ....غادرت الطائرة مطار بغداد وبعد ساعتيّن ونصف كانت تحط في مطار القاهرة الدولي ...ما كُنا نعرفه أننا في مهمة خاصة وسريّة ...ماهيّ إلا دقائق وفُتح باب الطائرة ووصل الدرج المتحرك ووجدنا أنفسنا ننزل الدرج ونرى بأم أعيّننا شرفة ميناء القاهرة الجوي والتي تعودنا ان نراها في الافلام المصرية القديمة وهي ممتلئة بالمستقبلين وهم ينظرون الينا ونحن نحمل حقائبنا التي تحتوي على اسلحتنا الشخصية والتي كان بامكاننا ان نحتل المطار خلال دقائق ...اتجهنا صوب البوابة الرئيسية ونحن لا ندرك ما الذي يحصل واي مهمة سرية تلك التي نقوم بها؟؟؟؟
وما هي الا لحظات حتى احاط بنا ضباط ورجال المخابرات المصرية وطلبوا منا مرافقتهم خارج البوابة وباتجاه ناقلات الجنود التي اقلتنا الى المطار العسكري(مطار الماظة) الملاصق لمطار القاهرة الجوي وهناك جرى تجميعنا وتم افهامنا ببرنامج رحلتنا وما هو المطلوب منا وأخذوا منا  جوازات سفرنا وكافة أوراقنا الثبوتيّة


تم تجميعنا في صالة كبار الزوار في المطار العسكري وقام احد الضباط المصريين بالتعريف عن نفسه وعن رفاقه بأنهم ضباط الارتباط لرحلتنا وانهم معنيّون بالحفاظ على سرية مهمتنا وبأن عملاء الموساد موجودين وبكثرة لذا علينا اتباع التعليمات وعليه سيتم نقلنا ليلا الى ميناء الاسكندرية الحربي عبر الطريق الصحراوي حتى لا تنكشف مهمتنا واعتذروا عما حصل بالمطار حين نزلنا دون تنسيق مسبق حيث أنهم لم ينتبهوا الى وجود شنط السلاح المتشابهة معنا جميعا وكانوا لا يرغبوا بان يشعر اي كان ان تلك الرحلة خاصة ...حصلنا على وجبة سريعة ....سندوتش فول وطعميّة.....وارتحنا قليلا حتى حلول الظلام حيث بدأت الناقلات بالتحرك ونحن على متنها ....كانت لنا فرصة لنرفع المعنويات العاليّة أصلاً من خلال قضاء وقت الرحلة بانشاد الاغاني الوطنية والحماسية خاصة واننا اكتشفنا انه لا يوجد سيارات مصريّة خاصة خلفنا وعلى مرمى نظرنا مما يشير الى ان المصريين قد اغلقوا الطريق خلفنا ومن على مسافة بعيدة عنا
وصلنا الميناء العسكري حوالي منتصف الليل وتم إدخالنا جميعا الى هنجر كبير ومظلم وفارغ وأغلقت الابواب عليّنا ....لم يكن هناك كثير من الوقت لنفكر كيف ننام او اين؟ لذلك افترشنا ارض الهنجر الترابيّة ونمنا الى ان بزغ الفجر وفتحت الابواب وخرجنا لنتنفس هواء الصباح البحري ونرى مدينة الاسكندرية على الجهة المقابلة وحصلنا على وجبة أخرى من سندوتش الفول والطعميّة ورأينا الجنود يُّحملون مركبا يرفع العلم اليوناني السلاح والعتاد والادوية المخزنة هناك واكثر ما راعى انتباهي الاسم الذي يحمله المركب (صانع السلام)...........
PEACE MAKER
نعم هكذا يُصنع السلام في عالم تحكمه شريعة الغاب ... والآن أدرك لماذا فشلت كل مشاريع السلام في المنطقة ولن تنجح ابدا إلا بعودة المركب الصانع للسلام والذي أوقف عن الخدمة منذ زمن طويل
عند الظهر تم تحميلنا على ظهر المركب المخصص لنقل البضائع الخفيفة اي على الدك نحن حوالي الاربعماية من المقاتلين والمتطوعين وأسفلنا ما برفقتنا من سلاح وعتاد وادوية وغادرنا الميناء برفقة طوربيد مصري تابع للبحرية المصرية وعلى ظهره ضباط الارتباط المصريين وتولى قيادة المركب القبطان اليوناني يساعده ضباط من البحرية الفلسطينية وعندما وصلنا حدود المياه الاقليمية المصرية اقترب قارب البحرية المصرية ورمى لنا بشوال تبين لنا لاحقا انه يحتوي على جوازات سفرنا المختومة بختم الدخول الى مصر وغير مختومة بختم الخروج .....التفسير السهل دخلنا بشكل رسمي وقانونيّ وبجوازات سفر حقيقية كما أصر المصريون على ذلك وخرجنا بشكل غير قانوني .....  ( تهريب ) اذا ما تم اكتشافنا.....لاحقا اكتشفنا ان المخابرات المصرية تبرعت مشكورة بارسال صورة عن جواز سفر كل منا الى دولته مع تقرير عن المهمة التي قمنا بها وذلك التزاما بتعليمات وقرارات وزراء الداخلية العرب وهي القرارات الوحيدة التي تصدر عن الجامعة العربية ومؤسساتها وتنفذها الدول العربية.......دخلنا المياه الدولية منتصف النهار اللاهب وبدأ دوار البحر يفعل فعله خاصة وان الامواج تتقاذف المركب شمالا ويمينا ومعظم الشباب لا يعرفون عن سفر البحر شيئا.....

المركب او سفينة الشحن عبارة عن حاويّة كبيرة سفليّة وسطح السفينة ( الدك ) وهو عبارة عن الواح خشب تغطي الحاوية وفوقها شادر يغطي الواح الخشب وعلى اطراف السفينة وحولها منطقة عبارة عن حرف U باللغة الانجليزية بارتفاع متر تسمح بالوقوف حول الدك وبمواجهة البحر وفي مؤخرة السفينة درج الى غرفة القيادة وملحق بها غرفتين للنوم وحمام لاستعمال طاقم التشغيل
في الاعلى كان القبطان اليوناني ومساعده وضباط البحريّة بلباسهم المدني لمتابعة الاحداث اولا باول ... هم يؤدون واجبهم الوطني ويتحملون مسؤوليتنا الاربعمايّة مقاتل وشحنة السلاح المتطورة التي نحملها معنا وهيّ عبارة عن حمولة 4 طائرات بوينغ 727 مقدمة من العراق من مختلف انواع الاسلحة المتطورة وحمولة طائرتين مقدمة من الجزائر من الصوايخ المضادة للطائرات والتي تحمل على الكتف مع الاطقم البشرية الفلسطينية التي اكملت التدريب عليها هناك وحمولة كبيرة جدا من الادوية والمعدات الطبية مقدمة من جهات ودول صديقة اما القبطان اليوناني ومساعده فهمهم الاول ان نصل لانهم اصدقاء للشعب الفلسطيني وقضيته وثانيا ان هناك 100 الف دولار مكافأة بانتظارهم في حال وصولنا سالمين اما المركب او السفينة فاعتقد جازما ان ملكيته تعود بالآخر الى منظمة التحرير....طبعا خارج الاوراق الرسميّة
كانت المنظمة قد جربت قبل ذلك محاولتين في مركبيّن صغيريّن واحد دون حمولة والآخر حمولة طحين ونجح الاول في الوصول واغرق الثاني قبل وصوله بلحظات لعدم امتثاله لاوامر البحريّة الاسرائيلية بالتحول نحو ميناء حيفا للتفتيش ورغم المخاطرة العاليّة قررت القيادة المضيّ قدماً حيث ان الحصار السوري لم يترك خيارا اخر ومع الحاجة الماسة للامدادات مع الحصار القاسي الذي كان قد بدأ على الكثير من المخيمات والمواقع اهمها حصار مخيم تل الزعتر من قبل الكتائب مدعوما بالموقف السوري الداعم للكتائب وللحصار من خلال القوات السورية والتي تواجدت على ارض لبنان ضمن ما عرف بقوات الردع العربيّة والاسباب معروفة وهيّ ان الحركة الوطنية اللبنانية والتي يرأسها الراحل كمال جنبلاط والمتحالفة مع المقاومة الفلسطينية اكملت سيطرتها على %82 من الاراضي اللبنانيّة وبالتالي اصبح قيام نظام وطني في لبنان قاب قوسين او ادنى وهذا لن يعجب النظام السوري فهو لن يقبل ان يجاوره نظام وطني ثوري حقيقي يسحب منه ورقة اللعب في المنطقة والتي طالما عمل النظام السوري على الاحتفاظ بها حتى يحافظ على وجود نظامه من خلال الامساك بكل اوراق اللعب بين يديّه ...
لماذا اركز الآن على هذه النقطة لان التاريخ يعيد نفسه وليفهم الكل اسباب التعامل القمعي الوحشي من قبل النظام السوري مع حركة الاصلاح في سوريا ورفضه لاي اصلاح .


ما ان بدأت السفينة في الدخول الى المياه الغميقة وبدأت بالترنح يمينا وشمالا بدأ معظمنا بالاحساس بالدوار واخرج كل منا كل ما في معدته الى البحر وما هيّ الا دقائق حتى كان معظمنا قد ارتمى على ارض المركب في حالة اشبه ما تكون بالاغماء.... الحر الشديد ودوار البحر
من تمكن منا من المحافظة على اتزانه وانا واحد منهم ولاسباب لا تتعلق بالقوة والقدرة فقط ولكنني لم اكل كثيرا قبل الرحلة وكنت رغم صغر سني احتفظ ببنيّة قوية رغم نحافة جسمي ...وزني وقتها لم يزد يوما عن 56 كغم ...مما ساعدني انا والبعض على الصمود والصعود بالاستمرار الى غرفة القيادة واحضار الطعام والماء وبعض الادويّة للجميع
كنا قد قسمنا انفسنا على المركب الى مجموعات حسب الانتماءات التنظيمية...او حسب الدول التي قدم منها المتطوعون والمقاتلون وكانت مجموعتنا تتكون من حوالي 30  من المتطوعين اغلبنا من طلاب الجامعات وكنت انا من يتناوب مع متطوع اخر على احضار ما يلزمنا من الغذاء والماء....سندويشات وبعض المعلبات حيث ان المدة المفترضة للرحلة هيّ 24 ساعة فقط .
غابت الشمس وراء البحر الذي اصبح رفيقنا الدائم فهو كل ما حولنا وهدأ الجميع وسكنوا للنوم على سطح الدك بعد معاناة الحر والدوار ومرور نسيمات هواء البحر ليلا والتي ردت فينا الروح واعادت للكثير منا الاحساس بالحيّاة ....
نام البعض وهو يظن انه سيصحو فجراً ليرى الارض من جديد ولكننا صحونا  مع اشعة الشمس الحارقة لنجد انفسنا من جديد مكاننا.... هو اكيد ليس مكاننا ولكن المنظر نفسه ...لا جديد ولا شيء من حولنا ولم اشاهد منذ انطلقنا اي سفينة اخرى وعلى مرمى نظرنا .... صعدت للاعلى وجلست مع ضباط البحريّة وحصلت على كاسة شايّ وحوار بسيط علمت من خلاله ان السفينة غادرت ميناء الاسكندرية على انها سفينة شحن محملة بالسكر باتجاه اللاذقية في سوريا وعليها وحتى لا يكتشف امرها ان تقوم بالعديد من المناورات في عرض البحر من اجل التمويه وهذا ما يقومون به وانهم اضطروا لتغيير مسيرة السفينة اكثر من مرة وهذا سيؤدي الى اطالة امد الرحلة وبالتالي لن نصل قبل يوم اخر على الاقل هذا اذا سارت الامور على ما يرام وطلبوا مني ان ابلغ مسؤولي المجموعات بذلك حتى يصار الى تقنين الاكل والمياه وهذا ما كان
انقضى اليوم الثاني كما الاول اللهم انه كان اهدأ بالنسبة للجميع فقد اخذوا بالتعود ولم يعد دوار البحر مشكلة لمعظمنا وان كان الحر اللاهب خاصة وانه لا يوجد ما يقي من اشعة الشمس الحارقة والمباشرة على رؤوسنا وما ان حل الليل حتى كانت معنوياتنا مرتفعة جدا ونحن على ابواب تحقيق الحلم صباحا والوصول الى الشاطئ اللبناني

صباح اليوم الثالث عاودت الصعود وتفاجأت بالضباط والقبطان امامهم الخرائط والاجهزة والاسطرلاب ووجوههم متجهمة وعلمت منهم اننا فقدنا الاتجاه الصحيح خلال عملية التضليل واننا اصبحنا في عداد التائهين في عرض البحر وانهم يعملون بكل امكانياتهم العلمية وبمساعدة الاجهزة البدائية المتوفرة معهم على تحديد موقعنا ومن ثم معاودة الانطلاق باتجاه الساحل القبرصي وطلبوا مني ان لا اخبر الا مسؤولي المجموعات والتركيز على ان تمويننا من الاكل والماء على وشك النفاذ مما يتطلب مزيدا من الصبر والتحمل خاصة واننا في اجواء حارة جدا مما يتطلب المحافظة على ما تبقى من الماء حتى نحافظ على حياتنا املا في الوصول
انتكست المعنويات وقضيّنا اليوم الثالث دون اكل لعدم وجوده اصلا ولعدم وجود نفس لتأكل واصلا كانت الوجبة المخصصة لليوم التالث هي بيضة مسلوقة لكل شخصين واتذكر هنا ان مشكلة وقعت ضمن مجموعتنا حين وزعنا كل بيضة مسلوقة على شخصين حيث تعمدنا ان يختار كل واحد منا شريكه ومن ثم هما يختاران ما يفعلناه بتلك الوجبة حرصا على تجنب الخلاف ونحن ندرك حجم المعاناة واثرها على الكثيرين خاصة وان البعض لم يكن يدور في ذهنه حين رافقنا ان يواجه ما واجهناه قضم احدهم البيضة من جهة الصفار وابقى لشريكه البياض فقط مما اثار غضب شريكه المُستفز والمتضايق مما آل حالنا اليه فما كان منه الا وضربه بباقي البيضة وكاد ان يتسبب في شجار بينهما لولا قدرتنا على الفصل بينهما

وبينما كانت الشمس تختفي ونحن نراقبها ويحل الظلام الذي ينتظره الجميع طالما انه سيبعد الشمس الحارقة عن رؤوسنا واذا بنا نُفاجئ بالقبطان ومساعده من اعلى المركب يطلبان منا بكل لغات العالم ان ننبطح ارضا ونختبئ في منطقة الحرف U وفعلا هذا ما حصل خلال ثوانٍ معدودة وما هي الا لحظات وسمعنا هدير محركات طائرات الهليوكبتر فوق رؤوسنا ... لحظات صمت قاتل وهدوء لم تشهده السفينة منذ ان انطلقنا.... صوت الابرة كان يُسمع وصوت انفاسنا لم نعد نسمعها وكأنها انحبست بداخلنا
انها طائرات الهليوكبتر العائدة للاسطول السادس الامريكي فلقد دخلنا بالخطأ المياه الاقليمية للاسطول السادس الامريكي في عرض البحر الابيض المتوسط.
دارت الطائرتيّن مرتين حول السفينة وفي المرة الثالثة طارتا مباشرة من فوق رؤوسنا لا ادري لماذا اعتقدت انهما تنويّان قصفنا في المرة الثالثة ولكنهما اتخذتا مساراً امامنا باتجاه اليمين وغادرتا ... فورا صعدت انا واثنين من مسؤولي المجموعات واعلمنا بان الطائرتين تابعتين للاسطول السادس الامريكي وانهما حذرتا القبطان من اننا دخلنا مياههم الاقليمية وانه اعلمهم بوجهته الى اللاذقية وحمولته من السكر وحمدنا الله جميعا ان الليل والظلام كان قد حلا قبل وصول الطائرتين بفترة وجيزة وان الطائرتين لم يشكا في شيء مبدئياّ ورغم ذلك نام الجميع بجانب حاجز السفينة لاعتقادنا الجازم بان شيئا ما قد يحصل ليلا مثل اقتحام السفينة من قبل المارينز او قصفها من قبل الطائرات او البوارج البحرية وكم كانت تلك الليلة هادئة وطويلة.....



صباحا اسيقظنا على صوت البعض منا وهم ينشدون بفرح لنرى وللمرة الاولى اليابسة امامنا انها جزيرة قبرص حينها تأكدنا ان القبطان ومرافقيه قد استعادوا قدرتهم على تحديد اتجاه السفينة وايقنا ان الطائرتين حين غادرتا اعطت للقبطان اتجاه قبرص الصحيح من خلال اتجاههما بالتحليق الاخير من فوق رؤوسنا
الآن على السفينة ان تنحرف مباشرة باتجاه الساحل اللبناني وتحديدا باتجاه بيروت وبشكل سريع تفاديا لاكتشافها من قبل الطائرات الاسرائيلية والتي عادة ما تحلق في الاجواء اللبنانية وبعيدا عن البوارج الاسرائيلية والتي كانت عادة ما تمشط الساحل الجنوبي معتمدة على ان الكتائب والجيش السوري يراقبان معاً مينائي طرابلس وبيروت وكان علينا لزاما وبهذا الحو الحار ان ننزل جميعا اسفل الدك مع الحمولة حتى لا يفتضح امرنا فوجود 400 شخص على سفينة شحن متجهة الى لبنان لا يعني الا ان الدعم والامداد موجود على متن السفينة .... نزل الجميع ومكثوا اكثر من 6 ساعات في اجواء لا يمكن تحملها من المعاناة والحر ونقص الماء والخدمات الضرورية ولكن احساسنا بان فرص الوصول قد قربت حافظ على استقرار حالتنا المعنوية وخفض كثيرا من الاحتكاكات الناجمة عن الحالة النفسية

كنت من القلائل الذين كُتب لهم ان يتابعوا المشهد من فوق الدك احيانا فكنت اصعد كل ساعة لمدة 10 دقايق لاطمئن على الوضع وانزل لمشاركة الباقين حالهم الصعب واطمئنهم على خط سيرنا.
اتجهنا الى بيروت وعندما لاحت جبالها امامنا مباشرة وقبل ان نصبح في مرمى نيران مدفعية الجيش السوري في منطقة الجبل انحرفنا جنوبا وباقصى سرعة باتجاة ميناء صيدا وبشكل موازي للساحل اللبناني وما ان اقتربنا من صيدا حتى انحرف بنا القبطان وكأنه يتجه الى مينائها الذي كان تحت مرمى نيران الجيش السوري المتمركزة في مرتفعات جزين وفي لحظة ظننا جميعنا ان القبطان اتخذ قراره الذي لا عودة عنه بالدخول الى ميناء صيدا مهما كانت النتيجة الا انه عاود الانحراف جنوبا وباقصى سرعة للمركب باتجاه ميناء صور الآمن الا من البوارج والطائرات الاسرائيلية والذي لا يبعد كثيرا عن ميناء صيدا وتحليلي ان القبطان وعندما اقترب من ميناء صيدا ولم يشعر بالخطر الاسرائيلي زادت فرص النجاح في الوصول الآمن الى ميناء صور كما وان القيادة كانت قد ابلغت الضباط مسبقا ان السوريين لن يسمحوا للشحنة والمقاتلين بالدخول مهما كلفهم ذلك اي ان فرصنا مع الاسرائيليين باختراقهم افضل بكثير من فرصة نجاحنا باختراق الجيش السوري ونحن على مشارف الميناء كانت هناك طائرتين عسكريتين اسرائيليتين تحلقان عاليا فوق المنطقة عندها طلب القبطان من الضباط ان يطلبوا من الجميع ان يخرجوا من اسفل الدك  الى اعلى الدك استعدادا للرسو في الميناء ولانجاح عملية الاخلاء للمقاتلين على وجه السرعة حال رسو السفينة على رصيف الميناء وما هيّ الا دقائق وكان كل من على السفينة في الاعلى يشاهدون حلمهم وقد اصبح واقعا ها هو الميناء امامنا والرصيف على شمالنا ومئات الامتار فقط تبعدنا عنه .... ذهب تفكير البعض انه من الممكن ان يقفز من المركب وياخذها سباحة الى الميناء علما انهم لا يتقنون السباحة اصلا اما انا فقلت وبصوت عالي الحمد لله لقد وصلنا كلها دقائق وان شاء الله نسجد لله شاكرين على ارض الجنوب ...احد الضباط بجانبي قال لي اترى ذلك العمود البارز من المياه امامنا قلت له نعم قال لي هذا كان سارية السفينة التي تم اغراقها من قبل الاسرائيليين في الشهر الماضي ...حينها لا شعوريا تحركت الى ناحية الشمال من المركب باتجاه موازي لرصيف الميناء الذي ستقف عليه سفينتنا لاكتشف انني لست وحدي من فكر بذلك بل سبقني كل من كان على المركب لدرجة ان السفينة مالت وباتجاه الشمال الى درجة جعلت من القبطان يخرج من طوره ومن غرفة القيادة ليصيح بنا وبالضباط لتوزيع الحمل على جوانب السفينة حتى يتمكن من الاصطفاف والتوقف على الرصيف خاصة وان سرعة السفينة وان هدأت ولكنها كانت اكبر من ان يكبح جماحها في الامتار المتبقية واضطر الجميع للانصياع ..كيف لا ونحن على ابواب وصول اول سفينة امداد ونجاح المقاومة في كسر الحصار العربي والاسرئيلي 
المفروض على شعبنا الفلسطيني ومقاومته واخوتنا اللبنانيين وحركتهم الوطنيّة


دقائق وارتطمت حافة السفينة بالرصيف ولكن ارتطامها كان مقبولا وهادئا وعندها اصبحت المسافة بين السفينة والرصيف قريبة الى الحد الذي مكن البعض من القفز باتجاه الرصيف وقبل ان تتوقف السفينة نهائيا ... قفز الكثيرون باتجاه الارض ساجدين مقبلين لتراب الجنوب ولمعانقة المستقبلين من قيادات المقاومة ومن اهلنا في الجنوب فلسطينيين ولبنانيين ......


تم تفريغ السفينة من المقاتلين واسلحتهم الشخصية وفورا بدأ بتفرغ السفينة من حمولتها ...تم كل شيء بسرعة واتقان
انا ومجموعتي ذهبنا فورا الى مدرسة في صور برفقة مستقبلينا من القيادة وصديقنا الطبيب الذي تخرج من بغداد قبلنا بسنة وذهب الى لبنان متطوعا متفرغا وكان مسؤولا عن عيادة مخيم الرشيدية القريبة من صور ولاحقا زرته وتعرفت على ممرضات العيادة وكن من الالمانيات الغربيات...شابات جميلات في عمر الورود تركن اوروبا وجمالها وحضرن متطوعات لمساعدة شعبنا الفلسطيني في محنته وثورته .

غسلنا على السريع وتغذينا معا واحضروا لنا باص وتحركنا جنوبا قبل الغروب لرؤية شمال فلسطين وتنفسنا هواءها القادم مع الغروب قبل ان تبدأ رحلتنا ليلا الى بيروت وتحديدا الى مخيم شاتيلا حيث الاحتفال المركزي والجميع هناك في انتظار الابطال القادمين من وراء البحار لدعم اخوتهم المحاصرين.


في ذكرى تحرير الجنوب
مهداة الى الجنوب اللبناني ارضا وشعبا والى اهلنا في لبنان 
هذا الجنوب الذي ادمى الصهاينة وعلى مدى عقود 
الى الدماء الفلسطينية والتي روت الحنوب اللبناني قبل ان يسلموا الراية بعد مغادرتهم الى المقاومة اللبنانية ......

الى شهدائنا وشهيداتنا وفي مقدمتهم عروس فلسطين الشهيدة دلال المغربي التي انطلقت هي ورفاقها من الجنوب وحطمت ورفاقها اسطورة الدولة الاقوى في المنطقة


والى اهلنا في الجنوب الفلسطيني  ( قطاع غزة ) المحاصرين منذ سنين
والى امتنا وقيادات ما تبقى من المنظمة والتنظيمات الفلسطينية اقول:
هكذا تعلمنا منذ 35 عاما كيف يُّفك الحصار 
لماذا نسيتم صانع السلام والصداقة ؟؟؟
peace maker........friendship
السفينتين والتي تعاقبتا بعد وصولنا على الذهاب والمجيء  مخترقتا كل الحصار بعد نجاح رحلتنا الاولى.....مرة تحمل طحين وتتعمد ان تكشف عن نفسها وتجبرها البوارج الاسرائيلية على الذهاب معها الى حيفا ويوافق القبطان ليكشف لهم ان الحمولة طحين فقط ونصيح ويصيح العالم معنا ادانة على القرصنة الاسرائيلية وفي المرة الثانية يحمل السلاح والمقاتلين وعندما يكتشف امرها في البحر بالقرب من الشواطئ اللبنانية يرفض القبطان الذهاب الى حيفا ويقول لهم طحين ان اردتم ان تفتشوا فتشوا هنا او اتركونا بحالنا وكان يتم له ما يريد ويتركونه بحاله .

يوسف
25/5/2011

 ** ليست من نسيج خيّالي انها مما اختزنته ذاكرتي من حلو الايّام

هناك 4 تعليقات:

  1. اختيار موفق أبي العزيز

    فيها حنين وسرد حقائق
    كشاهد على عصرك أنت

    أتمنى ان نجتمع انا وانت في هذا العمل
    " كتاب المئة تدوينة "

    تحيتي

    ردحذف
  2. شاهد على عصر المهازل التي كنا فيها حطب ووقود لتصفية الصراعات العربية العربية ولكن الله يعلم بالسرائر ويعلم ماتخفي النفوس فنحن شعب تعلق كالغريق بلجة البحر بقشة لعلها تحمله الى بر الامان فلسطين كانت هي الحلم وكل اخوتك يايوسف تجار رقيق لهذا رموك بالجب العميق فقط لان ضمير احدهم قد تحرك .
    ماتسرده هي المأساة التي عانا ومازال يعاني منها هذا الشعب العنيد ويكفي ان تنظر لدهاليز ذاكرتك لتجد الجواب الحزين ( بل أنا من قبل هذا ,,, وأنا من بعد هذا ,,, إنما أكتب كلماتي ... دفاعاً عن ضميري ,,, أنا لا أخشى مصيري ... فأنا أحيا مصيري !!!)......

    اتمنى من الله بأن يمد بعمرك عمران لتكون حقا شاهد وضمير .....

    اخوك ورفيقك
    سمير أبن القدس والأقصى الجريح

    ردحذف
  3. لن يشهد العرب كلب حراسة أفضل من نظام الأسد الذي حرس إسرائيل أفضل مما تحرسها أمريكا ولولا وجوده لكان وضع المقاومة الفلسطينية مختلفا ولما اضطرت للذهاب إلى أوسلو بعد أن جُرّت إلى مدريد - الخيانة لا تعرف عمقها إلا بنتائجها الكارثية على الشعب الفلسطيني الأبي - لقد أعمل نظام كلاب الحراسة في سوريا والبعث النصيري سيوفهم ومؤامراتهم في الأحرار والوطنيين في لبنان ولم يمكنوهم من إقامة الدولة الوطنية وأجبروهم على القبول بالدولة الطائفية بعد أن اجتمع نظام البعث النصيري مع المحتل الصهيويني الإسرائيلي المغتصب على هدف ضرب المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية في لبنان وكان لهم ما أرادوا. هذه الأشياء لا تحتاج لمهارة في الحكم كي تحكم عليها بل يكفيك قراءة الأحداث ومعرفتها لكي تستنتج بنفسك ضرورة زوال هذا النظام القمعي القميء ورحيله عن دنيا العرب لأنه أساء لقضايانا وضربها في مقتل. هل كان ياسر عرفات ليذهب إلى أوسلو لولا الطعنات المميتة التي تلقتها المقاومة الفلسطينية بتواطؤ من نظام البعث النصيري السوري وأدت إلى خروجها من لبنان وتشتتها وعندما حاولت العودة حاربها نفس النظام بأدوات فلسطينية تدافع عنه الآن ضد ثورة الحرية السورية. لو أن المقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية بقيت في لبنان الوطني المحرر من رجس البعث النصيري بنظام لاطائفي لما شهدنا كل هذا التخاذل على صعيد قضيتنا الوطنية. كلنا يذكر معارك الجنوب في 1976 وكيف ذاق العدو الإسرائيلي ضربات المقاومة ولما يكن لديها صورايخ واستشهاديين وغيرها ولنا في معركة الكرامة عبرة كبيرة. أقول لكل القومجيين والليبراليين الذين يتباكون على سوريا المقاومة والممانعة، إقرأوا التاريخ والوقائع والأحداث وكيف حارب هذا النظام القذر إلى جانب الأمريكيين ضد العراق وكيف ترك الإسرائيليين يعبرون البقاع إلى بيروت لاحتلالها تحت سمعه وبصره وبمباركته بعد أن تعهدوا له بعدم ضربه إن لم يبادر بالضرب. أبعد هذا العهر عهر. يكفي تآمره مع إيران الشيعية ضد العراق القومي!! ألا ينبؤكم هذا بشيء .. ألا يفتح عيونكم المغمضة عن كل بلاويه إلا عن محاربته للدين وهذا هو بيت القصيد بالنسبة لكم .. ويلكم كيف تحكمون .. ألم يبع أوجلان لتركيا يا أرباب الشيوعية .. ألم يقتل كمال جنبلاط وبقتله فكك الحركة اتلوطنية اللبنانية وأصابها في مقتل .. ألم يمنع المقاتلين الكتاطوعين من العراق من الذهاب لمحاربة الإسرائيليين في لبنان ومنع وصول الإمدادات إليهم وكان المتطوعون من العراق يذهبون إلى لبنان عبر قبرص بجوازات عراقية .. ألم يحتضن الشيعي الباكستاني المطلوب (آصف زرداري) في مواجهة حكومته المنتخبة .. هذا أوان فتح العيون وقراءة الوقائع فلم يعد هناك خافيا وتكشفت الأقنعة وذاب الثلج وبان المرج فماذا أنتم قائلون.


    قول على قول

    لقد مر جيلنا (ولله الحمد على كل حال) بتجارب نضالية مريرة مرارة الهجرة والشتات وتتخللها لحظات من الشعور الطاغي الذي لا يوصف بالمشاركة النضالية الفاعلة مع شعبنا رغم التعتيم الفاضح من الأنظمة العربية على نضالات شعبنا وتصويرنا كشعب لاجيء بعد التواطؤ التآمري على تغييب اسم فلسطين من الوجود وإحلال اسم آخر مكانه سواء في ما تبقى منها شرقا أو غربا. وقد شهدت على تجربة أخرى للشهيد سليم مصطفى قدادة (ابن خالتي) في حضوره إلى لبنان من الجزائر حيث كان يدرس. المؤسف بعد أن تدربت في بغداد وتطوعت للذهاب إلى لبنان أن القيادة الفلسطينية طلبت من لديهم ثلاث دورات عسكرية فأكثر لأنهم لا يريدون أن يفرزوا مقاتلين لحماية هؤلاء المتطوعين فالخطار كثيرة وأذكر شهيدنا البطل سميح الزير الذي قنصه قناص كتائبي على الحد الفاصل بينما كان في سيارة. ويشهد الله أنني قد زقت رسائل الشهيد الذي كان ينتظرني في لبنان قبل العودة إلى عمان بعد التخرج خوفا عليه ولكنه كان ملازما في فتح وقاد عملية غور الصافي عبورا من جنوب الأردن واستشهد مع رفاق له في كمين للقوات الإسرائيلية. كنا نخرج في المظاهرات منددين بكامب ديفيد وبالعدوان الإسرائيلي والحصار السوري والعدوان الكتائبي على أهلنا في لبنان ويملأنا أمل النصر والعودة. ولكنه كان أبعد مما كنا نتصور. ولكنني الآن أراه أقرب إلينا من قبل مع سقوط نظام البعث النصيري السوري الذي ما ترك بابا للحرية إلا أوصده ولا أملا للعودة إلا وأده ولا فرصة للنضال إلا أحبطها ولا محاولة للتوحد إلا وأبطلها

    ردحذف


  4. ثقافة الهزيمة .. أرجوك لا تعطنى هذا السرطان

    "مرسى" لأهالى مطروح: المشروع النووى فى الضبعة.. و"ما أدراكم ما الضبعة!" قال الرئيس "مرسى" للأهالى إنه يسعى لإنشاء 5 مشروعات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، وليس مشروعاً واحداً فى الضبعة، ومازح الأهالى قائلاً: "الضبعة.. وما أدراك ما الضبعة"

    و نشرت مجلة دير شبيجل الألمانية فى 19 مايو 2011 "الفلبين : أطلال المفاعل النووى باتان مزار للسياح " كارثة فوكوشيما أعطت رد فعل ، المفاعل النووى الوحيد فى الفلبين
    Bataan لم يتم تشغيله أبدا و لم ينتج كيلو وات واحد من الكهرباء للأن و سيظل هكذا مستقبلا ، و الأكثر من هذا أن المفاعل النووى الذى يقع على شبة جزيرة باتان أصبح منذ مايو 2011 مزار للسياح.

    و نشرت صحيفة Wirtschaftsblatt النمساوية فى 17 نوفمبر 2011 "تجارة خطرة مع المفاعلات النووية " على مستوى العالم سينخفض نصيب الكهرباء المولدة من الطاقة النووية من 16 % الأن إلى 6 % بحلول عام 2050 . ليس فقط كوارث المفاعلات النووية مثل فوكوشيما، بل إيضا مشاكل البيئة مثل مياه تبريد المفاعلات النووية ، كل هذا يؤدى إلى الأعتراض. ألمانيا قررت بعد الكارثة النووية فى فوكوشيما إنهاء الطاقة النووية ، وبجانب ألمانيا قررت 6 دول أخرى كانت لديها خطط للطاقة النووية تغيير أستراتيجيتها.

    و نشرت صحيفة دير شتاندرد النمساوية فى 26 مايو 2011 "سويسرا أبتداء من عام 2034 بدون طاقة نووية" سويسرا تنهى الطاقة النووية على خطوات، هناك 5 مفاعلات نووية فى سويسرا و قررت الحكومة السويسرية أنه بعد أنتهاء العمر الأفتراضى للتشغيل لها و يقدر ب 50 سنة لن يتم أحلالها ببناء مفاعلات نووية جديدة. بعد الكارثة النووية فى فوكوشيما باليابان لم يعد ممكن التفكير فى التوسع فى الطاقة النووية، و بدأ الأتجاة بصورة أقوى إلى الطاقات المتجددة.

    و نشرت صحيفة دى برسة النمساوية فى 2 نوفمبر 2011 "بلجيكا تخطط لأنهاء الطاقة النووية" الحكومة الحالية تريد أبتداء من عام 2015 أنهاء الطاقة النووية، وأغلاق ال 7 مفاعلات نووية فى بلجيكا تدريجيا.

    و نشرت صحيفة دير شتاندرد النمساوية فى 15 يونيو 2011 إيطاليا تظل خالية من الطاقة النووية، هو قرار الإيطاليين فى أستفتاء شعبى و الذى صوت بنسبة 95 % ضد الطاقة النووية. ..باقى المقال بالرابط التالى

    www.ouregypt.us

    ردحذف