وعدتُ ابنتي في عالم التدوين زينة صاحبة مدونة شروق الشمس ان اكتب عن ما شاهدته في 5/6/1967 في ذكرى النكسة تكملة لما روته في مدونتها على لسان جدتها...
الكل يعرف ان الحرب لم تكن مفاجأة لاحد فقد كانت جميع المحطات الاذاعية من صوت العرب الى BBC تنشغل في التحضيرات لها خاصة بعد اغلاق مضائق تيران بوجه الملاحة البحرية من قبل المصريين وبعد زيارة الملك حسين قبل الحرب ب 5 ايام الى القاهرة وانهاء حالة التوتر والقطيعة مع مصر وانضمام الاردن رسميا للعمل تحت قيادة رئاسة الاركان المصرية والتي كانت تتولى قيادة العمليات للجيوش العربية ....مصر وسوريا والاردن....وخلال الحرب انضم العراق وارسل قواته والتي وصلت كعادة الجيوش العربية متأخرة وبعد انتهاء الحرب.....
فجرا كان صوت احمد سعيد من صوت العرب يؤذن ببداية الحرب ويهدد ويتوعد على طريقة ...تجوع يا سمك...وبالبحر حنرميهم... وبيانات القيادة العامة الموحدة والتي تعد من الاستوديو المجاور تبشرنا بان المئات من طيارات العدو قد تم اسقاطها وبان القوات البرية تتقدم من كل المحاور على الجبهتين المصرية والسورية....الاردن دخل الحرب متأخرا بضع ساعات ...
عند العاشرة صباحا صدر البيان الاردني الاول يعلن صراحة ان القوات الاردنية قد بدأت المشاركة في الحرب وان القوات البرية تقدمت واستولت على جبل المكبر في منطقة القدس وان الطائرات الحربية الاردنية تنفذ مهام اسناد وضرب لمواقع العدو
كانت تلك الطائرات الاردنية وهي عبارة عن سرب من الطائرات الانجليزية هوكر هنتر تنطلق من القاعدة الجوية الوحيدة الموجودة في الاردن والتي كنا نقيم بها مرافقين لوالدي والذي كان ضابطاً في سلاح الجو ومسؤولا عن صيانة الخط الامامي ورغم ان والدي لم يكن ليلتها في البيت معنا لحالة الطوارئ ولكن بيتنا الموجود ضمن القاعدة الجوية والذي لا يبعد اكثر من كم واحد عن مدرج المطار وكنا نسمع هدير الطائرات الاردنية وهي تقلع ثم ننتظرها وهي تعود على شكل اسراب كل سرب مكون من 4 طائرات
كنا جميعا في الارض الخلاء نقف معا النساء والاولاد والبنات نراقبهم والنساء رافعات اكفهن للسماء بالدعاء للامة وفرسانها بالنصر وبينما كنا نهلل ونكبر فرحين ونحن نرى الاسراب تعود من عملياتها الواحد تلو الاخر وهي تهبط الى المدرج من فوق رؤوسنا التي يملأها الفخر والعزة والشعور بالنصر واذا بنا نُفاجأ بسماع المدفعية المضادة للطائرات تطلق حممها في كل اتجاه والطائرات التي فوقنا لم تعد تشابه طائراتنا وما هيّ الا دقائق الا وبدأت الطائرات في الاغارة على القاعدة
ركضنا مهرولين الى الملاجئ القريبة واحتمينا بداخلها ومضت ساعة على الاقل قبل ان يتوقف القصف وسمعنا صوت صفارة الانذار بصوتها المتقطع والذي يعلن انتهاء الغارة....عفوا انتهاء الحرب.
ما سمعته من والدي رحمة الله عليه بعد ان عاد للبيت ثاني ايام الحرب لربع ساعة فقط
ان طائراتنا وحال عودتها من مشاركاتها الاولى بالاغارة على مواقع العدو وخلال عملية اعادة التموين والتجهيز وقبل ان يتم تجهيزها بالكامل كان الرادار قد اكتشف طائرات العدو في اتجاهها نحو القاعدة الجوية فكان ان بدأت الطائرات بالاستعداد للاقلاع لمواجهتها في الجو وما ان حاولت الطائرة الاولى الاقلاع من على المدرج رغم ان قائدها كان يدرك صعوبة ذلك ان لم يكن استحالتها حتى باغتتها طائرات العدو ودمرتها قبل ان تقلع عن الارض وكان على متنها قائد السرب صاحب الصورة اعلاه الشهيد فراس العجلوني وكان بشهادة الجميع من خيرة الطيارين العرب والذي استشهد فورا وبعدها قفز من كان من الطيارين من طائراتهم فور ان ادركوا استحالة مواجهة العدو في الجو
ساعة واحدة كانت كافية لتدمير الطائرات ال 18 وتدمير مدرج المطار وتم استهداف مستشفى القاعدة والذي كان من ضمن المنطقة السكنية الملحقة بالقاعدة والتي انشأها الانجليز خلال وجودهم في الاردن في خمسينات القرن الماضي....
على الهامش
بيعت الطائرات جميعها لاحقا خلال مزاد علني رسى على تاجر سكر ورز في حينها بمبلغ 90 الف دينار كسكراب ...يوسف
08/06/2011
ما المني في القصه كلها هو ان الطائرات بيعت فبدلا من الاحتفاظ بها ووضعها في متحف يتحدث عن تاريخ وفترة زمنيه بيعت !
ردحذفلك الكثير من الذكريات حتى لو كانت حزينه !
كم مؤلمة هي ذكرياتنا
ردحذفوكم هو مرٌ طعم الهزيمة الذي لم نتذوق غير طعمه
أشكرك أبي العزيز على نشرك لذكرياتك واستئناف ما بدأته جدتيمن قلب المخيم
أعذرني على التقصير والتأخر في التواجد هنا
تحيتي
مزاد علني !!!
ردحذفسبحان الله !
شكراً لمشاركتنا ذكرياتك وشكراً لـ زينة الغالية
سكراب سكراب! زي كل حياتنا
ردحذف