كانت تجربتي في لبنان مع المقاومة الفلسطينية في سبعينات القرن الماضي قد غيّرت نظرتي للحيّاة...هناك تعلمت ان مشوار الحيّاة قصير وان اليّوم الذي نحيّاه قد يكون اخر يوماً نعيشه على هذه الارض.
عُدت من هناك لاكمل دراستي الجامعيّة وكانت سنة التخرج...
البعض قال انني تغيّرت كثيراً ...
وآخرين قالوا انه جرى استبدالي هناك...
قضيّت سنة جامعيّة قد تكون من اجمل سنين عمري
وحين تخرجت وضاقت بيّ الدنيّا ... مكثتُ هناك ثلاثة اشهر قبل ان اجد بلداً من الممكن ان ابدأ فيه حياتي بعد التخرج.
في جلسة وداع ضمت صديقاتي واصدقائي في الجامعة ابدوا حزنهم على ما ينتظرني في مشوار غربتي الجديد في عالم مجهول بالنسبة لي ...خاصة وانني مغادر الى بلدٍ لا اعرف فيه احد واذكر ان إحدى صديقاتي المُقربات جداً مني قالت في تلك الجلسة... لن تعرف قيمة النعيم الذي انت فيه هنا ...إلا حين تصل الى هناك وتعانيّ من الوحدة وخاصة انك لن تجدنا حولك كما نحن هنا....
مرت الايّام بعد ان سافرتُ وفي خلال اقل من ثلاثة اشهر وفي بلد جديد وعمل جديد ومسؤوليّاتِ جسام كنت احتفل في عيد ميلادي مع صديقاتي واصدقائي الجدد ...
كنت سعيداً جداً وانا ارى حولي كوكبة من الاصدقاء يشاركوني فرحي ولا يتركون وقتاً لي لافكر بوحدتي وغُربتي...
تذكرت صديقتي وما قالت لحظتها وقلت بسري : يا ليّتها تكون موجودة معنا هنا لترى النعيم الذي اعيشه ....
الحمد لله ان خلقنا كائناتٍ إجتماعيّة بالفطرة وآلف بين قلوبنا وجعل المودة والمحبة والأُلفة من طباعنا ...
يوسف
31/10/2011