ثورات شعبيّة ام انقلابات عسكريّة ام اجندات خارجيّة
بالعربي الفصيح وقبل اي كلام وشرح وتحليل.....نعم ما حصل لغاية الآن هو ثلاثتهم مجتمعين معاً
ثورات شعبيّة وانقلابات عسكريّة واجندات خارجيّة
تونس ... مصر ... ليبيّا
الدول الثلاثة التي تغيّرت فيها انظمة الحكم تغيّرت اولاً بفعل الثورات الشعبيّة وثانيّاً بانقلاب القيّادات العسكريّة على الرؤساء وثالثاً وجود من يُّنفذ الاجندات الخارجيّة قبل الثورات وخلالها وبعدها.
لم يرحل زين العابدين بن علي الا عندما امره رئيس الاركان بضرورة مغادرة البلاد والا .....
لم يتنحى حسني مبارك الا عندما اجتمع المجلس العسكري الاعلى واعلن رفضه للنزول الى الشارع الا لحمايّة المتظاهرين طالباً من الرئيس المخلوع التنحي والا ....
زمان كان الانقلاب العسكري يُّنفذ عبر ضابط او اكثر من الرتب العسكريّة العاليّة يتقدم الدبابات ويّدك القصر ويحتل الاذاعة والتلفزيّون ليُّعلن من خلالهما البيّان رقم واحد اما اليّوم فاصبح الانقلاب العسكري يّمر من خلال ثورة شعبيّة ... يّعلن من الميدان البيّان رقم واحد الصادر عن المجلس الاعلى للقوات المسلحة .
اما الاجندات الخارجيّة فهي موجودة والمُنفذين كثرُ ومنهم من لا زال يدعو للابقاء على حالة التوتر والفلتان الامني تحت مُسميّات وطنيّة او ديمقراطيّة او من رافعي شعارات حقوق الانسان وعبر مُبررات ثوريّة ... !!! ولا هدف لهم الا اضعاف الجبهة الداخليّة وعدم عودة الاستقرار والآمان خوفاً من تغيّير الخارطة الاقليميّة للمنطقة وخدمةً لاعداء الوطن والامة .
هل هذا يعني بشكل او باخر ان العسكر طامحون بالحكم ....؟
اكيد لا والف لا ....لانهم هم الحاكمون الفعليّون وهم لا يُّريدوا ان يبقوا بالواجهة لذلك لا بد من واجهة مدنيّة مُنتخبة ...
ولكن علينا ان ندرك من الآن ان الذي امر بن علي بالمغادرة والذي امر حسني مبارك بالتنحي والذي اعدم القذافي ... كلهم لا زالوا في مواقعهم وقوتهم زادت ولم تنقص ....وهم الحكام الفعليّون إبان الثورة وخلالها وبعدها .
اليمن وسوريّا ... ولاحقاً الجزائر والسودان
على نفس الطريق.
كوكتيل ,,, كاسك يا وطن
عندما كتبتُ بالامس ان ما حصل كان عبارة عن اتفاقٍ غير معلن وبشكل غير مباشر بين القوى الثلاث والتي تحالفت لاسقاط الانظمة والطغاة ... لم أُخوْن ايٍ منها ولكنني احببت ان اؤكد بدايّةً انه لا يّجوز لطرفٍ واحدٍ منها ان يّدعي بان له الفضل وحده في اسقاط النظام وبالتالي كان على شباب الثورة ان يّدركوا انهم دون دعم العسكر لن يّتمكنوا من اسقاط النظام لوحدهم كما ان العسكر لن يكون في مقدورهم اعادة تجربة انقلاب 1952 على الملك والاطاحة بالشرعيّة ..!!! حتى لو كان مشكوك فيها ... الشعب والغرب لن يقبل بذلك في هذا الزمن وما ينطبق على شباب الثورة والجيش ينطبق على حملة الاجندات المحلية والاقليميّة والدوليّة وكما اسلفت فهم كثر ويتخفون تحت مسميّات عديدة تلهب مشاعر الناس ...منظمات تعنى بحقوق الانسان والديمقراطيّة والشباب واحيّاناً تحت ستار الدين.....الخ.
الآن اذا سلمنا ان الاطراف الثلاثة مجتمعين هم من اطاحوا بالنظام السابق ... يّصبح واجباً ولزاماً على اطراف المُعادلة الجديدة عدم الغاء الاخر ومحاولة اعادة انتاج نظام مؤقت يكون قادراً على انجاز مرحلة انتقاليّة .
وهذا ليس بجديد فهذا ما حصل قبل 20 عاماً حين انهار الاتحاد السوفيّاتي وتفتت جمهوريّاته وواجهت الكثير منها مصاعب الانتقال الى حكم مدني ديمقراطي حديث .
وهذا ما واجهته تركيّا والتي هيّ اقرب الامثلة الى واقعنا فلقد كانت تركيا في اوائل ثمانينات القرن الماضي اقرب ما تكون الى الحالة المصريّة قبل 25 يّنايّر 2011 وكان الاتراك يعيشون في فقر مدقع وتحت نظام حكم بوليسيّ قمعيّ ناتج عن تحالف العسكر مع قوى اليّمين المحافظة قبل ان يستلم السلطة توركوت اوزال وهو بانيّ تركيّا الجديدة ولم يّكن من قيّادات الاحزاب الاسلاميّة التي لم تكن موجودة اصلاً وغير مصرح لها بالعمل والتي تتبوأ السلطة الآن في تركيّا وتمكن في خلال فترة قصيرة من تحسين الاوضاع السيّاسيّة والاقتصاديّة والمعيشيّة للاتراك واشاعة بدايّةً الاجواء الديمقراطية وان بقي الجيش هو صاحب الكلمة الاقوى والمتحكم في الامور ومع الايّام ومع اشاعة مزيد من الاجواء الديمقراطيّة وتحسن الاوضاع المعيشيّة للاتراك وصل الاسلاميّون للحكم وتمكنوا بدايّة من التعايّش مع قيادات الجيش المهيّمنة الى ان تمكنوا من تحيّيدها بعد ان اصبحت الاغلبيّة لهم وتمكنوا من تعديل الدستور والذي لم يكن ليتحقق الا بعد ان شعر المواطن التركي بالفائدة العظيمة التي جناها من وجود امثال اردوجان حيث ارتفع معدل دخل المواطن هناك من 300 دولار بالشهر في العام 2002 الى 800 دولار في الشهر في العام 2010 واصبح اقتصاد تركيا من افضل واقوى 10 اقتصاديّات في العالم والاقتصاد الوحيد الذي سجل في الاعوام الماضيّة نمواً بنسبة %10 وهو ما يعادل نمو الاقتصاد الصينيّ الاقوى عالميّاً اليّوم في وقت تسجل معظم اقتصاديّات دول اوروبا وامريكا نمواً بنسبٍ سالبة او تحت %3 سنويّاً في سنوات الركود والتراجع الثلاث الاخيرة.
ليس المطلوب من الجيش ان يعود الى ثكناته فهم لم يغادروها اصلاً بالمعنى الحقيقي ولكن المطلوب ان تضع القوى الموجودة على الساحة يدها بيد العسكر لانجاز المرحلة الانتقاليّة ولن يمكن انجازها الا بتعاون الجميع ...
اما الاصوات التي تعتقد انه ممكن لمصر ان تنتقل من مرحلة حكم مبارك الى مرحلة الدولة المدنيّة الحديثة عبر مليّونيّات اسبوعيّة تهتف برحيل المجلس الاعلى تارةً والحكومة تارة اخرى وتحاول تعطيل الانتخابات البرلمانيّة ونتائجها فلن يّكون في مقدورها الا التسليم بانها في نهايّة المطاف ستكون خارج معادلة المُشاركين في برنامج التغيّير.
مصر ....سلميّة المرحلة الانتقاليّة .... مُهمة الجميع
وصلنا بالامس الى نتيجة ... انه للعبور للدولة المدنيّة الحديثة لا بد من اشتراك الجميع عدا رموز وفلول النظام السابق لان المرحلة الانتقاليّة تتطلب ان تتظافر الجهود وهيّ مرحلة تٌشابه مرحلة التحرر الوطني ولا يجوز القفز عنها ولا سلقها وهيّ المقدمة للانتقال الى مرحلة التحرر الوطنيّ الديمقراطي .
وعادةً ما يتشارك الجميع في انجاز هذه المرحلة وهيّ الكفيلة باخراج كل المُشككين والضعفاء على ان يُكمل المسيرة كل المؤمنين بمستقبل مصر وشعبها .
لست مُتشائماً ولكن من الصدق ان يعرف الجميع ان المرحلة الانتقاليّة مُهمة وستتعرض فيها البلد للكثير من الهزات الارتداديّة بعد الزلزال العنيف الذي هز عرش مبارك ونقله من القصر الجمهوريّ رئيساً وزعيماً الى محكمة الجنايّات متهماً وملقىً على سرير طبيّ يّواجه طلب النيّابة واسر الشهداء باعدامه شنقاً هو وكادره الامنيّ كما وانه من المُفيد ان يعلم الجميع ان المرحلة الانتقاليّة ليست يوماً او اثنيّن فقد تمتد الى سنواتِ اربع وهذا ليس بالكثير خاصة اذا ما اخذنا في عيّن الاعتبار ان حكم المخلوع وزبانيّته امتد الى ثلاثة عقود من الزمن كانت كافيّة لان تعيد مصر قرونٍ الى الوراء وتنظيف النظام وما اقامه من بؤرٍ للفساد والافساد يحتاج الى وقت .
ويبقى ان المُستقبل لمصر وللمصريّين اللذين صبروا صبر ايوب على الطاغيّة وزمرته الفاسدة والنصر ان شاء الله حتما من نصيب الشعوب التي ثارت ولن تستكين بعد ذلك ولن يهنأ لها بال الا عندما ترى مصر وقد دخلت التاريخ الحديث من اوسع ابوابه .
ما يجري في مصر ينطبق على ما يجري في تونس ولكن في الحالة الليبيّة قد تكون المرحلة الانتقاليّة دمويّة كما كانت مرحلة التغيّير وهنا على المصريّين والتونسيّين ان يّدركوا الفرق والنعمة التي ينعمون بها الآن وعليهم اخذ الحيطة والحذر لكي لا تنزلق بهم الامور لا سمح الله الى ما يشبه الاوضاع الحاليّة في ليبيّا ... على ان يبقى شعار المرحلة الانتقاليّة ...
سلميّة ... سلميّة
كما كان شعار الثورة .