كنت دائما اتساءل لماذا الفتوحات الاسلامية في العهد الاموي امتدت شرقا ولم تتوقف الا مع اخر حدود الشرق الاقصى وعلى ابواب سور الصين العظيم وحينما اتجهت غربا اكتفت وتوقفت عند اسبانيا علما بان حال اوروبا في ذلك الوقت لم يكن بافضل من حال الشرق والجيوش المتجهة الى الغرب كانت اكثر عددا وعدةً وتجهيزاً ....
بعد ان كتب الله لي خلال حياتي ان ازور الشرق حتى الصين وان ازور الغرب ومنها اسبانيا باكملها خلصت الى ان ما حصل في الشرق كان ان الفتوحات كانت... فتوحاتٍ اسلامية حقيقية وكانت الجيوش تُنهي مهمتها في كل بلد وتكمل مسيرتها للبلد المجاور بعد ان تترك في البلاد من يساعد اهلها على فهم الدين لكي يتولوا امورهم بانفسهم بعد ذلك وهذا ما حصل من عهد الفتوحات وليومنا هذه ولكن الذي حصل في الغرب انه وما ان كُتب لطارق بن زياد هزيمة الفرنجة وتم له فتح اسبانيا او ما عرف بعد ذلك بدولة الاندلس الا وتوقفت الجيوش هناك واقام الامراء والسلاطين دولتهم ولاحقا دولهم وعاشوا نعيم الدنيا ناسين او متناسين الهدف الاكبر الذي من اجله عبروا المضيق
لا شك ان لجمال طبيعة اسبانيا وثرواتها الطبيعيّة وجمال نسائها دورا كبيرا في تغيير مسار الفتوحات وتحويلها من فتوحات دعوة الى اقامة دويّلاتٍ ذات امكانيات وقدرات على جميع الاصعدة مُسخرةٌ للاستمتاع بثروات تلك البلاد والاكتفاء بحكم شعوب كانت وقتها تعيش عصر الظلمات وعلى كل الاصعدة دون الالتفات للتأثير في هذه الشعوب وضمها تحت لواء الحضارة العربيّة الاسلاميّة ....
اكبر دليل على ذلك ان الدولة الاموية حين انهارت لجأ الامويّون واتباعهم الى الاندلس وبعد انهيّار الدولة العباسية خرج العرب والاسلام معا من اسبانيا في يوم واحد كما يخرج المُحتلون بينما بقيّ الاسلام ولغاية اليوم موجوداً وله اكبر الدور في حياة شعوب دول شرق آسيا.....
مناسبة هذا الحديث هو الانتخابات البرلمانية التي جرت وتجري حاليّاً في دول ما بعد خلع عهد الطغاة وما افرزته من نتائج ...وجاءت بالاحزاب والقوى التي ترفع شعاراتٍ دينيّة الى الحكم وبالتالي عليها ان تعرف هذه القوى ومن الآن انها تحت أعيّن الكل محليّاً واقليميّاً ودوليّاً وعلى تصرفاتها ومن خلالها سيّحكم الكثيرون على ديننا وقيّمنا.....
مسؤوليّة كبيرة ....اتمنى ان لا نضطر للدفاع عن ديننا وقيّمنا وهويّتنا من سوء تقديرهم وعدم فهمهم للمسؤوليّة المُلقاة على اعتاقهم....
وإن شاء الله لا نضطر لاستذكار إمامنا الشافعي
وهو يُّردد ....
نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا
وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا
يوسف
30/11/2011