صندوق الذكريّات...19/7 التاريخ يُّعيد نفسه

في 19/07/1976 حملت روحي على راحتي وغادرت بغداد متجها الى لبنان وانا اردد  
 قصيدة "الشهيد " التي نظمها الشاعر الفلسطيني
الشهيد عبد الرحيم محمود حوالي عام 1939
(أي قبل استشهاده بقرابة 10 سنوات)
ولد سنة 1913م في بلدة عنبتا التي تقع قرب طولكرم،
واستشهد في معركة الشجرة عام 1948م


سأحمل روحي على راحتي * * وألقي بها في مهاوي الردى
فإمّا حياة تسرّ الصديق * * * وإمّا مماتٌ يغيظ العدى
ونفسُ الشريف لها غايتان * * * ورود المنايا ونيلُ المنى
وما العيشُ؟ لاعشتُ إن لم أكن * مخوف الجناب حرام الحمى
إذا قلتُ أصغى لي العالمون * * * ودوّى مقالي بين الورى
لعمرك إنّي أرى مصرعي * * * ولكن أغذّ إليه الخطى
أرى مصرعي دون حقّي السليب ودون بلادي هو المبتغى
يلذّ لأذني سماع الصليل * * * ويبهجُ نفسي مسيل الدما
وجسمٌ تجدّل في الصحصحان * * * تناوشُهُ جارحاتُ الفلا
فمنه نصيبٌ لأسد السماء * * * ومنه نصيبٌ لأسد الشّرى
كسا دمه الأرض بالأرجوان * * * وأثقل بالعطر ريح الصّبا
وعفّر منه بهيّ الجبين * * * ولكن عُفاراً يزيد البها
وبان على شفتيه ابتسامٌ * * * معانيه هزءٌ بهذي الدّنا
ونام ليحلم َ حلم الخلود * * * ويهنأُ فيه بأحلى الرؤى
لعمرك هذا مماتُ الرجال * * * ومن رام موتاً شريفاً فذا
فكيف اصطباري لكيد الحقود * * * وكيف احتمالي لسوم الأذى
أخوفاً وعندي تهونُ الحياة * * * وذُلاّ وإنّي لربّ الإبا
بقلبي سأرمي وجوه العداة * * * فقلبي حديدٌ وناري لظى
وأحمي حياضي بحدّ الحسام * * * فيعلم قومي أنّي الفتى


كان يوم الاثنين على ما اذكر وقد نشرت تدوينة كاملة حول تلك الرحلة... الى لبنان خذوني معكم

 وفي نفس التاريخ 19/7/1988  بعد 12 عاماً حملت والدي   على راحتي وكان يوم الثلاثاء 5 ذي الحجة

من صندوق الذكريات

الثلاثاء 19/07/1988

كانت الساعة تشير الى الرابعة عصراً ...كنت للتو قد عدت من عملي ومررت على الطابق الارضي حيث يسكن اهلي ...كان والدي قد انهى للتو كعادته اكل طبق من الفواكه بعد ان استيقظ من قيلولته بعد الغذاء...تجاذبنا اطراف الحديث وانسحب للوضوء لصلاة العصر جماعة مما منحني بعض الوقت للصعود الى بيتي في الطابق العلوي لتناول الغذاء مع عائلتي الصغيرة والإطمئنان عليهم....دقائق قليلة وسمعت صوت والدتي تنادي عليّ ...نزلت فورا كان والدي مريضاً بالقلب والسكري وكان من العادي جدا ان تنتابه حالة من الاغماء كمثل تلك الحالة التي وجدته عليها ...حملته الى السيارة وباقصى سرعة الى المدينة الطبية حيث ملفه الطبيّ ومكان علاجه بعد تقاعده ...لا ادري لماذا كان شعوري مختلف هذه المرة....ما ان وصلت الى الطوارئ حتى هب كل من كان هناك لاسعافه خاصة وانهم يعرفون حالته ....كنت ادرك ان هذه المرة تختلف عن كل مرة ولكن بقيت ادعو الله ان يكون معه ومعنا...

اقل من ساعة استدعتني رئيسة القسم وبدأت الحديث حول الايمان بالله وبالقضاء والقدر...قلت لها لا تقلقي الحمد لله هو من علمني معنى الايمان بالله...قالت لي ...رحمة الله عليه كان رجلا فاضلا والكل يعلم ذلك واليوم انتقلت الامانة التي حملها الى عاتقك وعاتق اخوانك........

عدت الى بيتي وحيداً هذه المرة ....دخلت غرفتي واغلقت بابها ولاول مرة منذ زمن ذرفت دموعي ...يومها ودعت معلمي للمرة الاخيرة على امل اللقاء به عند رب العالمين

اليوم تصادف ذكرى وفاة الشيخ المعلم والدي رحمة الله عليه

الفاتحة لروحه الطاهرة

ولاموات المسلمين جميعا

والدي رحمة الله عليه وبالصورة التي كان يُّحبها
05/09/1924 _ 19/07/1988                          


يوسف
19/07/2011