ايلول ,,,,اوراق سوداء مُلطخة بالدماء

مقدمة : 
أن إصرار الأردن على وحدة الضفتين منذ عام 1948 هو من أحد وربما أهم الأسباب التي أدت الى ايلول الاسود وما بعده من خلافات بين القيادة الاردنيّة والقيادة الفلسطينية .

"بعد رفض العرب لقرار قرار التقسيم عام 1947 والذي منح اليهود 55% من أرض فلسطين و 45% للعرب، وبداية الصراع المسلح في فلسطين أرسل مجلس الأمن الكونت  برنادوت إلى الشرق الأوسط من أجل التوسط لإنهاء النزاع وإرساء قواعد السلام. في ذلك الوقت كان اليهود قد أعلنوا دولتهم المستقلة في الوقت الذي رفض العرب القرار لكن لم يكن هناك دولة فلسطينية. رفع برنادوت تقريرا إلى مجلس الأمن يوصي بضم الأراضي الفلسطينية إلى الأردن وإنشاء اتحاد كونفدرالي بين الأردن وإسرائيل. هذا الاقتراح رفض من جميع الأطراف وفي اليوم التالي اغتال الإسرائيليون برنادوت،"
جامعة الدول العربية تنبهت لقضية عدم وجود دولة فلسطينية ما دفع مجلس الجامعة باتخاذ قرار بإعلان دولة عموم فلسطين وكان ذلك في 1948/09/23 والتي لاحقا عين أمين الحسيني رئيسا لها وأحمد حلمي رئيسا للوزراء.

في 01/10/1948 اجتمع المجلس الوطني الفلسطيني بغزة وتم تشكيل لجان قومية في المدن الفلسطينية لدعم قرار مجلس جامعة الدول العربية 

عارض ممثلي العراق والاردن ومصر الاقتراح "بدعوى أن زعامة المفتي ستواجه بمعارضة واسعة النطاق في العالم".

استاءت الحكومة الأردنية وسارع الملك عبد الله الاول إلى اجراء اتصالات سريعة بالملوك والرؤساء العرب، معترضاً على إنشاء الحكومة الفلسطينية وهدد بالانسحاب من الجامعة، إنْ أنشئت هذه الحكومة؛ لأنها عمل غير سليم، يحقق رغبات بعض الدول العربية ولكن الأردن لم يكتف بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية الجديدة لكنه بدأ بالتحشيد ضدها من خلال عقد مؤتمرات شعبية في عمان ولاحقا في الضفة الغربية من أجل تشكيل جبهة داخلية من وجهاء عائلات فلسطينية ترفض الدولة الفلسطينية وتطالب بالانضمام الى الأردن". واصل معارضو المفتي أمين الحسيني رفضهم للحكومة وعقدوا مؤتمرا في اليوم نفسه في عمّان برئاسة الشيخ سليمان التاجي الفاروقي أحد معارضي المفتي. أرسلوا بمعارضتهم إلى جامعة الدول العربية  في اليوم ذاته الذي انعقد فيه مؤتمر غزة، حيث انكر المجتمعون في عمان، على المؤتمرين في غزة، تمثيل الشعب الفلسطيني، وعقد الملك مؤتمرا ثانيا في أريحا بتاريخ 1/12/1948 برئاسة الشيخ محمد علي الجعبري رئيس بلدية الخليل تم الإعلان فيه عن وحدة الأراضي الفلسطينية والأردنية، ومبايعة الملك عبد الله الاول ملكا على فلسطين (الضفة الغربيّة ). وفي أواخر كانون الأول من العام نفسه، جمع الملك شمل مؤتمر ثالث في رام الله أيد فيه المؤتمرون قرارات مؤتمر أريحا كما دعوا إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ تلك القرارات. وقد صاحب المؤتمرات التي جمعها الملك عبد الله الاول جولات قام بها الملك في أنحاء من فلسطين ( الضفة الغربيّة ) اخذ خلالها البيعة لنفسه، وبُلغت الحكومات العربية والأمانة العامة للجامعة العربية، نتائج تلك المؤتمرات. أثار موقف الملك عبد الله الاول المشار إليه معارضة جديدة في الأوساط العربية والفلسطينية الرسمية والشعبية، ورغم ذلك تم إقرار الملك عبد الله الاول بن الشريف حسين بن علي ممثلا لشعب فلسطين ....!!!

لنفهم سبب قيّام الملك عبد الله الاول بتلك الخطوة عليّنا الرجوع الى الوراء قليلاً ...

خلال الحرب العالمية الاولى وُعد شريف مكة الحسين بن عليّ ان ساند دول الغرب في الحرب ووقف الى جانبهم وطرد (العثمانيّين ) الاتراك من المنطقة بان يقفوا الى جانبه ويمنحوه تفويضا لاقامة دولة خلافة هاشميّة تحل محل الدولة العثمانيّة وغادر الحجاز مع اولاده واتباعه ومؤيّديه من العرب مدججين بالسلاح وما ان وصلوا الاردن حتى كان الجنرال الانجليزي ( اللنبي ) قد دخل القدس قادماً من مصر معلناً وضع فلسطين تحت الانتداب ( الاحتلال )البريطاني المباشر وبعد ذلك القصة المعروفة للجميع ...تراجع الانجليز عن وعودهم للشريف ودعموا الملك سعود الذي قدم من نجد للحجاز ووحدهم تحت قيادته واعلن لاحقا قيّام المملكة العربية السعودية ولم يبقى امام الشريف حسين بن علي الا الاردن وسوريا والعراق ...بعد ذلك دخلت القوات الفرنسية الى لبنان واعلنت وضع لبنان تحت الانتداب ( الاحتلال )الفرنسي المباشر ولاحقا تم دخول القوات الفرنسية الى سوريا وضمها تحت الانتداب ( الاحتلال ) الفرنسي المباشر وغادر الملك فيصل الاول الى العراق واعلن نفسه ملكاً على العراق تحت الانتداب البريطاني وبقيّت امارة شرق الاردن حيث اعلن الامير عبدالله تأسيس إمارة شرق الاردن تحت الانتداب البريطاني .

اذن الحلم لم يتحقق ولم يجد الامير عبد الله في شرق الاردن المبتغى الذي قام والده بثورته من اجله وقد يكون هذا السبب المباشر لقيام الملك عبد الله الاول والذي اعلن استقلال الاردن في العام 1946 في العمل على ضم باقي الاراضي الفلسطينية في العام 1948 الى مملكته املا في تحقيق جزءاً من حلم والده وتوسيع رقعة المملكة ووضع مكان لها في الخريطة الاقليمية اذا ما اخذنا في عين الاعتبار الامتداد الجغرافي شرقاً الى العراق الذي كان تحت حكم ملكي هاشميّ ...( وصاية الامير عبد الإله ) الملك فيصل الثاني بن الملك غازي بن الملك فيصل الاول بن الحسين بن علي .

هنا اصبح الممثل الوحيد للفلسطينيين هو الملك عبد الله الاول خاصة اذا ما علمنا ان الفلسطينيين في غزة تم ضمهم ( معيشيّاً ) الى مصر ابان حكم الملك فاروق والذي لم يمانع ان يكون الملك عبد الله الاول هو ممثل الفلسطينيين بعد ضم الضفة الغربية الى الاردن .

بقيّ الحال على حاله الى حرب 1967 حيث احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة مع ما احتلت من اراضٍ عربيّة.

إسرائيل كانت لا تمانع من اعادة الضفة الغربية الى الاردن من خلال مفاوضات مباشرة واعلان صلح دائم مع الاردن ولكن بروز المقاومة الفلسطينية المسلحة والعمليّات اليومية ... غيّر المعادلة وسحب البساط من تحت ارجل الجميع .

في 21/03/1968 دخلت القوات الاسرائيلية الى الاراضي الاردنية للقضاء على المقاومين وتدمير معسكراتهم في منطقة الاغوار وهنا كانت المُفاجأة غير المتوقعة ...التحم المقاومون باسناد من الجيش الاردني مع القوات الاسرائيلية المتقدمة ودحروهم بعد ان كبدوهم خسائر جسيمة في الجنود والمعدات في المعركة المعروفة (الكرامة) لوقوع معظم احداثها في منطقة الكرامة في الاغوار الاردنيّة وفي اليوم التالي اعتلى الملك حسين احدى الدبابات الاسرائيلية المدمرة مشيدا ببطولة الجيش الاردني والمقاومون اللذين دحروا قوات العدو وهذه كانت نقطة مفصلية في تاريخ المقاومة حيث تطوع في اليوم التالي الآلاف من الشباب في المقاومة واصبحت المقاومة هي امل الكثيرين بان تصبح يوماً الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني باكمله ( داخل وخارج الوطن )....

ومن هنا تقاطعت المصالح بين الاردن والمقاومة الفلسطينية اذ ان تمثيل الشعب الفلسطيني هو محور الخلاف منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم وان ظهر في فترات مختلفة غير ذلك .

وبعدغدٍ نُكمل ان شاء الله

يوسف

19/09/2011

على الهامش :

من ضمن سلسلسة كتابات تحت عنوان .....
سبتمبر (ايلول) تاريخهم المزيّف وتاريخنا المنسيّ

لقراءة المقالة الثانيّة ....الرجاء الضغط على الرابط

ايلول الاسود...هل يُّغيّر لونه يوماً
لقراءة الموضوع الاول ...الرجاء الضغط على الرابط

مجزرة صبرا وشاتيلا....تاريخهم المزيف وتاريخنا المنسي