التسميات

السبت، ديسمبر 25، 2010

هناء تسأل.............ويوسف يسرد قصة من الواقع اغرب من الخيّال....3


الجزء الثالث

كان والدي رحمة الله عليه قد اصيب بجلطة في قلبه الذي لم يتحمل الاقتتال بين الاخوة وهو على راس عمله في العام 1970 وما ان تعافى قليلا بعد شهرين من الاقامة في المستشفى كان قد احيل الى التقاعد وهو في امس الحاجة الى العمل واسرته الكبيرة في مفترق الطريق ولكن رغم اخلاصه وتفانيه النابع من ثقافته الدينية وانتمائه الخالص لامته وقضايا وطنه لم يشفعوا له ان اصوله وجذوره ضاربة في ارض فلسطين فتم احالته على التقاعد وهو على سرير الشفاء.
اضطررنا بعدها للانتقال مؤقتا الى الزرقاء ثم الفحيص عندما التحق بالعمل في مصانع الاسمنت وبعد ان التحقت واخي في الجامعة في بغداد قبل ان يحط به الرحال في صويلح بجانب المسجد الكبير قبل بداية شهر رمضان في العام 1973 وذلك لعدم وجود مسجد في الفحيص في ذلك الوقت لاسباب معروفة للجميع....هناك تعرف على الشيخ عبد الحميد الشيشاني...شيخ فاضل اكبر من والدي سنا وكان مرجعا له وللكثيرين وحصل ان تآخى والدي معه في الاسلام وهي عادة كان والدي يمارسها في حياته كثيرا....اي ان لديّ من الاعمام الكثيرين من شتى الاصول والمنابت على راي النغمة السائدة في البلد للتفريق وليس للم الشمل والتوحيد . 

عاد الحاج رحمة الله عليه من صلاة العشاء وكعادته اغلق الباب خلفه فعادة لا يتأخر احدنا خارج البيت بعد صلاة العشاء...وما ان جلس وانا بجانبه حتى انتشر الجميع تجنبا لما سيحصل..
قال لي : خير في اي شيء
قلت له: نعم اريد ان اتحدث معك في موضوع بيني وبينك
وبدأت شارحا له القصة كاملة من طقطق للسلام عليكم
وكنت اتابع تعابير وجهه خوفا من ان يحصل معه ما خوفتني منه الوالدة الله يطوْل في عمرها ولكن لم الحظ اي شيء غير عاديّ الى ان انتهيّت حينها نادى على الحجة واختي وقال لاختي : اخيك اخبرني عن كل شيء هل انت موافقه وتقدرين على هكذا زواج شارحا لها ابعاد الموضوع وما ستتعرض له لاحقا من اهله اللذين لن يتقبلوا وبسهولة ان ابنهم الوحيد قد غيّر دينه واسمه و....و....ويرغب بالزواج من فتاة عربية مسلمة وفلسطينية ...قالت له :ادرك ذلك ولكن موافقتي مرهونة بموافقتك اولا ووقفتكم معي ثانياً .
لم يقل لهما شيء وانسحب بعد ان قال لي:
اللي في خير ربك يقدمه
في اليوم التالي كانت الحجة مصدومة من هول المفاجأة وانا قضيّت نهاري افكر بماذا يفكر والدي ؟ وهل من المعقول ان يكون قد غضب مني وانا الذي كنت احرص دائماً على الحصول على رضاه .
بعد صلاة العشاء عاد الى البيت وطلب ان اجلس معه وحدنا دون الآخرين وقال لي: لقد جلسنا بعد الصلاة انا وعمك الشيخ عبد الحميد الشيشاني وناقشنا الموضوع ووصلنا الى قناعة انه اذا ما تأكدنا من ان اسلامه صحيح وواقعي لا غبار عليه فلا مانع عندي لذا عليك بالاتصال به ليحضر لزيارتنا ونحن سنقوم بالباقي ومهمتك انتهت لحد هون والباقي علينا وربك يسهل .
وعندما هممت بالقيام لاخبار والدتي واختي قال لي: من يعلم قد يكون اسلامه وزواجه من اختك ولاحقا ذريّته الصالحة شفيعا لك يوم القيّامة وهيك بكون ساعدتك في ان يغفر لك ربك ويفتح لك بابا من ابواب الجنة لنتلقي هناك ان شاء الله .
اتصلت مع عمر ورتبت امر حضوره للاردن حال مغادرتي حيث انني لم ارغب في التواجد احتراما لرغبة ابي وامتثالا بان مهمتي انتهت واصبح الموضوع برمته عند الشيخ المعلم رحمة الله عليه...وصل عمر وقابل الحاج وتواصل معه ومع الشيخ عبد الحميد الشيشاني رحمة الله عليه فلقد علمت انه توفي بعد والدي بفترة ...لمدة اسبوع قبل ان يباركوا له اسلامه ويبلغوه موافقته على زواجه من اختي....وتمت الاجراءات وتزوجت اختي في حفل زفاف لها هنا قبل ان تنتقل معه من جديد الى الامارات وهناك كنت انا والشلة في استقبالهما وبالترتيب معه تم عمل حفل زفاف اخر لهما حضره كل الاصدقاء والعائلتين اي ان عائلته حضرت الاب والام واختيه وزوجهما وخالته وعمته فعندهم عدم الموافقة او عدم الرضا لا تعني المقاطعة واعلان البراءة كما هو حالنا في حالات اقل بكثير من حال صاحبنا .
بعدها بعام رزقا بابنهما الاكبر واسميّاه...يوسف
بعدها بعامين رزقا بابنة اخرى.
ولا زالا معا علما بانهما انتقلا للعيش معا في بريطانيا بعد زواجهما بعامين وعاشا هناك وبالقرب من اهله قبل ان يرحل والده ووالدته لاحقا وزواجهما يعتبر ناجحا بكل المقايّيس.


احداث هذه القصة دارت بين الاعوام 1980 و1985
اي قبل اكثر من 30 عاماً.


هل من الممكن ان تتكرر الآن بعد كل ما ندعيه من تطور وتعلم وتمدن وحريّات وديمقراطيّة ومساواة للمرأة و...و.....؟؟؟

يوسف

هناك 8 تعليقات:

  1. ما شاء الله

    ربنا يبارك ليهم في زواجهم واولادهم يارب

    عجبني اوي تفكير والدك رحمه الله


    لكن لو حصلت نفس القصه الايام دي طبعاً هتلاقي رفض كبير ليها

    برغم التطور والتمدن لكن يبقى الخوف هو سبب الرفض عند البعض للاسف

    مشكور يا يوسف على سرد هذه القصه لعل البعض يتخذها مثال

    ردحذف
  2. أول شي شكرا كتيييييير على القصة الجميلة والمؤثرة.
    تانيا الله يرحم الوالد والشيخ الشيشاني برحمته . امين
    ثالث شي انا مبسوطة انوا زواجهم ناجح وانشالله دايما :)
    بالنسبة للسؤال اللي بالأخير , م بعرف بس نظرا اللي انا شايفتة وللقصص اللي بسمعها زي ما حكيت بالموضوع فبتصور انوا الأحتمالات ضئيلة جدا أن لم تكن غير موجودة اصلا!! يمكن السبب انوا ما في عرب مسلمين هلأ بيقتنعوا انوا في حدا ممكن يدخل بالدين ويكون صادق, أو زي ما سمعت من حدا غير عربي دخل بالأسلام من مده ( الكل بيمدح بديني واخلاقي ونكون على صداقة جيده بس إذا طلبت اناسبهم بالزواج بأخت لهم أو أبنة لهم تتغير الأمور!!)
    ما بعرف شو اللي تغير بالزبط بس اكيد قلة الوعي الديني لها دور كبير.
    أخيرا مشكور على مشاركة هذه القصة :)
    دمت بخير :)

    ردحذف
  3. نسيت احكي شي..
    الله يكتب هاد العمل في ميزان حسناتك وحسنات ولدك رحمة الله عليه وميزان الشيخ الشيشاني رحمة الله عليه ... امين

    ردحذف
  4. الله يرحم والدك ويباركلك فى اولادك
    طبعا لو حصلت القصة دى اكيد حيكون فى رفض دة نتيجة عدم الوعى الدينى
    ومشكور اخى يوسف على هذة القصة
    تقبل تحياتى

    ردحذف
  5. صباح الخير يوسف وهناء

    هناء...انا قلت آخ على سبيل المزح بينما فعلياً انا مبسوطه ان فتحتي لنا الموضوع مره ثانيه....تذكرين هناء لما نشرتي قصة مايك المسلم على مدونتك قبل أشهر...كتبت لكِ حرفيا استغرابي من قلة التعليقات على موضوع "برأيي" يستحق نقاشا وعرضاً مطولاً والحمدلله ان اتيحت لنا الفرصه لقراءته مره ثانيه والاطلاع على تجربة يوسف الفعليه التي فيها من الدروس والعبر ما نعجز عن هضمه مره واحده وبحاجه لتحليل كل موقف منها على مهل وتأنّي.

    سأعلق هنا كما علقت سابقاً....الخلل في مثل هذه الحالات نابع من وجود الفجوه فيما "نعتقد" أننا نؤمن به من مبادئ الاسلام وفيما نطبقه فعلياً في حياتنا
    "أليس الايمان ما وقر في القلب و عملت به الجوارح"!!!
    لكن للاسف الايمان عند اغلبية المسلمين هو ممارسه العبادات المفروضه وفقط ,فيما تطبيق تعاليم الاسلام السمحه فعلياً في حياتهم اليوميه هو ...صفر.

    رفيقي يوسف
    الله يعطيك العافيه...كفّيت ووفيت
    ورحم الله الشيخ الوالد والشيخ الشيشاني ,,,
    صحيح ينطبق عليهم حرفيا مصطلح "open minded" .

    ردحذف
  6. ياااااااااااااه يا يوسف :)
    مش لأنو ذكرت شخص و قريب لي و ذكرتني بالزرقاء التي أحن إليها؛ و لكن القصة عذبة .... حلوة و مضامين كثيرة تتخللها

    شكرا ً لك و اسمح لي أن أثني على كلام نيْسان + هناء

    ردحذف
  7. مساء الخير
    لا شك أن هناك حالات زواج كثيرة لـ بنات العرب المسلمين ممن هم مسلمين أجانب أو عرب غير مسلمين وأعلنوا إسلامهم تُعدّ ناجحة بل وأنجح من حالات زواج ممن هم مسلمون بالوراثة ...
    الأهل في الغالب يخافون من تزويج بناتهم ممن أسلموا حديثاً .. الأخت هناء أسمته " العنصرية الدينية العربية " والأخ يوسف في الاجزاء الثلاثة نقل قصة واقعية حقيقية عايشها تثبت ان هناك من الناس من يدرك تعاليم الإسلام العظيم وقيمه بصورة صحيحة ويدرك أن " من ترضون دينه وامانته " غير مقرونة بأي اعتبار آخر ما زال يستوطن عقولنا ويعيش بين ثناياها ..
    كل الشكر ويعطيكم العافية
    دمتم بألف خيـــــر

    ردحذف
  8. الاعزاء جميعا

    مساء الخير
    اشكر لكم مشاركتكم جميعا
    ولا زلت اعتقد ان اي قضية تجد من يناضل من اجلها
    فرص نجاحها كبيرة جدا
    لذلك حين تكون قضيتنا ونؤمن بها ان تحملنا
    النضال من اجلها سنصل الى هدفنا

    دمتم بخير
    والقاكم بالجزء الاخير على خير
    في السنة القادمة

    يوسف

    ردحذف